وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الطِّينَ وَالتُّرَابَ وَالسِّرْقِينَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ: (وَلَا قَطْعَ فِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّبَنِ وَاللَّحْمِ وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا فِي كَثَرٍ» وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ، وَقِيلَ الْوَدِيُّ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا قَطْعَ فِي الطَّعَامِ» وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ مِنْهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَاللَّحْمِ وَالثَّمَرِ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْحِنْطَةِ وَالسُّكَّرِ إجْمَاعًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْطَعُ فِيهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ فَإِذَا آوَاهُ الْجَرِينُ أَوْ الْجِرَانُ قُطِعَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ (وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا مَا ذَكَرْنَا) يَعْنِي حَدِيثَ عَائِشَةَ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَالْجِمَارُ شَحْمُ النَّخْلِ وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ يُقْطَعُ مِنْ رُءُوسِ النَّخْلِ وَيُؤْكَلُ، وَالْوَدْيُ صِغَارُ النَّخْلِ.
وَقَوْلُهُ (كَالْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ) يَعْنِي مِثْلَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَأَمْثَالَهُمَا لِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْحِنْطَةِ وَالسُّكَّرِ بِالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامُ عَامَ مَجَاعَةٍ وَقَحْطٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فَلَا قَطْعَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ أَوْ لَا. وَقَوْلُهُ (كَاللَّحْمِ وَالثَّمَرِ) اللَّحْمُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ كَالْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ مِنْهُ، وَالثَّمَرُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَكَانَ كَلَامُهُ لَفًّا وَنَشْرًا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُقْطَعُ فِيهَا) أَيْ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَالطَّعَامِ (وَالْجَرِينُ) الْمِرْبَدُ: وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُلْقَى فِيهِ الرُّطَبُ لِيَجِفَّ، وَقِيلَ هُوَ مَوْضِعٌ يُدَّخَرُ فِيهِ التَّمْرُ (وَالْجِرَانُ) مُقَدَّمُ عُنُقِ الْبَعِيرِ مِنْ مَذْبَحِهِ إلَى مَنْخَرِهِ، وَالْجَمْعُ جُرُنٌ فَجَازَ أَنْ يُسَمَّى الْجِرَابُ الْمُتَّخَذُ مِنْهُ فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَحَدَ الظَّرْفَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ مِنْ الرَّاوِي