حَتَّى لَوْ سَرَقَ عَشَرَةً تِبْرًا قِيمَتُهَا أَنْقَصُ مِنْ عَشَرَةٍ مَضْرُوبَةٍ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ، وَالْمُعْتَبَرُ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي عَامَّةِ الْبِلَادِ. وَقَوْلُهُ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا، وَلَا بُدَّ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ دَارِئَةٌ، وَسَنُبَيِّنُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنِّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ» ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» . وَقَدْ أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَرَوَتْ عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْطَعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ، وَبِهِ أَخَذَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَا وَجْهُ دَفْعِ ذَلِكَ؟ قُلْت: مَدْلُولُ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ لِأَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَلَاثُ دَرَاهِمَ كَانَتْ رُبُعَ دِينَارٍ، وَيُعَارِضُهُمَا مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ وَشَرْحِ الْآثَارِ مُسْنَدًا إلَى عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ رَجُلًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ» ، وَلَمَّا تَعَارَضَا وَلَا مُرَجِّحَ صِرْنَا إلَى إطْلَاقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا قَطَعَ إلَّا فِي دِينَارٍ» الْحَدِيثَ، وَإِلَى الْمَعْقُولِ وَهُوَ أَنَّ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِنَا يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِهِمَا مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى الِاحْتِيَالِ لِلدَّرْءِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ.