وَكَذَا لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ أَخُوهُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِرْثِ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْعِتْقِ عِنْدَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةَ بِالْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ الْقَرَابَةَ مُوجِبَةٌ لِلصِّلَةِ، وَمَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الدِّينِ آكَدُ وَدَوَامُ مِلْكِ الْيَمِينِ أَعْلَى فِي الْقَطِيعَةِ مِنْ حِرْمَانِ النَّفَقَةِ، فَاعْتَبَرْنَا فِي الْأَعْلَى أَصْلَ الْعِلَّةِ وَفِي الْأَدْنَى الْعِلَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ فَلِهَذَا افْتَرَقَا (وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ) لِأَنَّ لَهُمَا تَأْوِيلًا فِي مَالِ الْوَلَدِ بِالنَّصِّ، وَلَا تَأْوِيلَ لَهُمَا فِي مَالِ غَيْرِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتِلَافِ الدِّينِ مُتَضَمِّنًا لِلْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَوُقُوعِ الْعِتْقِ عِنْدَ التَّمَلُّكِ، وَكَلَامُهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِرْثِ: يَعْنِي فِي غَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَالْعِتْقُ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ بِالْحَدِيثِ: يَعْنِي قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ» وَبِالْمَعْقُولِ وَاضِحٌ خَلَا قَوْلَهُ: دَوَامُ مِلْكِ الْيَمِينِ أَعْلَى فِي الْقَطِيعَةِ مِنْ حِرْمَانِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّ حِرْمَانَ النَّفَقَةِ قَدْ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَدَوَامُ مِلْكِ الْيَمِينِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ أَعْلَى؟ وَلِأَنَّ الْإِنْفَاقَ صِلَةُ إحْيَاءٍ حَقِيقَةً وَصِلَةُ الْعِتْقِ صِلَةُ إحْيَاءٍ حُكْمًا، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْإِحْيَاءَ الْحَقِيقِيَّ أَعْلَى. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى النَّفَقَةِ مَقْدُورَةُ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَوْ يَبَرَّهُ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، فَإِنَّ الْهَلَاكَ جُوعًا فِي الْعُمْرَانِ مَعَ تَوَفُّرِ أَصْحَابِ الزَّكَوَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْمَعْرُوفِ نَادِرٌ، وَأَمَّا الْحَاجَةُ إلَى الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ إلَّا مِنْ جَانِبِهِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْإِحْيَاءِ الْحَقِيقِيِّ أَعْلَى مِنْ الْحُكْمِيِّ فَبَعْدَ تَسْلِيمِهِ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ تَحَقُّقِهِ مِنْ جَانِبِهِ لِمَا قُلْنَا. قَالَ (وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ) لَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَغَيْرِهِمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (لِأَنَّ لَهُمَا تَأْوِيلًا فِي مَالِ الْوَلَدِ بِالنَّصِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ