(وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ وَقَعَ عَقِيبَ النِّكَاحِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَقَعُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ»
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ صَرِيحًا وَكِنَايَةً أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ بَيَانِ تَعْلِيقِهِ لِكَوْنِهِ مُرَكَّبًا مِنْ ذِكْرِ الطَّلَاقِ وَالشَّرْطِ، وَالْمُرَكَّبُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْمُفْرَدِ. وَالْيَمِينُ فِي الطَّلَاقِ عِبَارَةٌ عَنْ تَعْلِيقِهِ بِأَمْرٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، سُمِّيَ يَمِينًا مَجَازًا لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ. إضَافَةُ مَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ فِي الشَّرْطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ إلَى الْمِلْكِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْخُصُوصِ، كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ عَلَى الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الظِّهَارِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» رُوِيَ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَأَبَى أَوْلِيَاؤُهَا أَنْ يُزَوِّجُوهَا مِنْهُ، فَقَالَ: إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» وَلَنَا أَنَّ هَذَا تَصَرُّفُ يَمِينٍ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ،