وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ حَدِيثُ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَإِنَّهَا قَالَتْ لَا بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» اعْتَبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابًا مِنْهَا، وَلِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَتَجُوزُ فِي الِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَأَدَاءِ الشَّاهِدِ الشَّهَادَةَ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا: أُطَلِّقُ نَفْسِي لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِكَايَةٍ عَنْ حَالَةٍ قَائِمَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ حَدِيثُ عَائِشَةَ) وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَائِشَةَ فَقَالَ: إنِّي مُخْبِرُك بِأَمْرٍ فَلَا تُجِيبِينِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك، ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِالْآيَةِ، فَقَالَتْ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ لَا، بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ» . وَاعْتَبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابًا مِنْهَا وَإِنْ كَانَ عَلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُحْتَمِلِ الْوَعْدَ (وَلِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَتَجَوُّزٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ) وَالْحَقِيقَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً (كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ) فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْهُ إيمَانًا لَا وَعْدًا بِالْإِيمَانِ، وَكَذَا الشَّاهِدُ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ بِكَذَا فَلَا يَصِيرُ إلَى الْمَجَازِ (بِخِلَافِ قَوْلِهَا أَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُتَعَذِّرٌ) إذْ لَيْسَ ثَمَّةَ حَالَةٌ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ يَقَعُ قَوْلُهُ أُطَلِّقُ نَفْسِي حِكَايَةً عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِيقَاعَ بِاللِّسَانِ دُونَ