ثُمَّ هَذِهِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ رُجُوعًا إلَى الْأَمْرِ، وَفِيهِ خِلَافُ مَالِكٍ (وَالْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا) وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ. وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَقَوْلُهُ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْفَرِيضَةُ هِيَ الْمَهْرُ: أَيْ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي الطَّلَاقِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ الْمِسَاسُ، وَفَرَضَ الْفَرِيضَةَ وَأَمَرَ بِالْمُتْعَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ وَقَالَ {حَقًّا} [البقرة: 236] وَذَلِكَ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا وَذُكِرَ بِكَلِمَةِ عَلَى (وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ) عِنْدَنَا (رُجُوعًا إلَى الْأَمْرِ) وَغَيْرِهِ (وَفِيهِ خِلَافُ مَالِكٍ) فَإِنَّهَا عِنْدَهُ مُسْتَحَبَّةٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا إحْسَانًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَصْرُوفٌ إلَى الَّتِي لَهَا مَهْرٌ أَوْ نِصْفُ مَهْرٍ لِئَلَّا يُعَارَضَ الْأَمْرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ " مَتَاعًا " مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَتِّعُوا وَالْمُرَادُ بِهِ هَذِهِ الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ فَكَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُسْتَحَبِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْأَمْرُ وَكَلِمَةُ عَلَى فِي {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وَمَتَاعًا وَحَقًّا وَكَلِمَةُ عَلَى فِي قَوْلِهِ {عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] كُلُّهَا تَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَتَأْكِيدَهُ، فَإِمَّا أَنْ تُبْطِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَجْلِ لَفْظِ الْإِحْسَانِ أَوْ تُؤَوِّلَهُ لَا أَرَاك تَعْدِلُ عَنْ التَّأْوِيلِ فَتُؤَوِّلُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى الْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الْوَاجِبَ وَيَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ إحْسَانًا مِنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَالْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا وَهِيَ دِرْعٌ وَمِلْحَفَةٌ وَخِمَارٌ) فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّفِلَةِ فَمِنْ الْكِرْبَاسِ، وَإِنْ كَانَتْ وَسَطًا فَمِنْ الْقَزِّ، وَإِنْ كَانَتْ مُرْتَفِعَةَ الْحَالِ فَمِنْ الْإِبْرَيْسَمِ (وَهَذَا التَّقْدِيرُ) أَيْ تَقْدِيرُ الْعَدَدِ (مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُصَلِّي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَتَخْرُجُ فِيهَا عَادَةً فَتَكُونُ مُتْعَتُهَا كَذَلِكَ.