(وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ مَهْرًا) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ انْضِمَامٍ وَازْدِوَاجٍ لُغَةً فَيَتِمُّ بِالزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ الْمَهْرُ وَاجِبٌ شَرْعًا إبَانَةً لِشَرَفِ الْمَحَلِّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْمَهْرِ]
لَمَّا ذَكَرَ رُكْنَ النِّكَاحِ وَشَرْطَهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ حُكْمُهُ، فَإِنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَكَانَ حُكْمًا لَهُ، وَالْمَهْرُ هُوَ الْمَالُ يَجِبُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ، إمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْعَقْدِ. وَلَهُ أَسَامٍ: الْمَهْرُ، وَالصَّدَاقُ، وَالنِّحْلَةُ، وَالْأَجْرُ، وَالْفَرِيضَةُ، وَالْعُقْرُ. لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَانْكِحُوا} [النساء: 3] وَالنِّكَاحُ لُغَةً لَا يُنْبِئُ إلَّا عَنْ الِانْضِمَامِ وَالِازْدِوَاجِ فَيَتِمُّ بِالْمُتَنَاكِحِينَ، فَلَوْ شَرَطْنَا التَّسْمِيَةَ فِيهِ زِدْنَا عَلَى النَّصِّ. فَإِنْ قِيلَ: الْمَهْرُ وَاجِبٌ شَرْعًا فَكَيْفَ يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْمَهْرُ وَاجِبٌ شَرْعًا) يَعْنِي أَنَّ وُجُوبَهُ لَيْسَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِإِبَانَةِ شَرَفِ الْمَحَلِّ (فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ) فَإِنْ قِيلَ: هَذَا دَعْوَى فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ. قُلْت: دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]