(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: رَفْضُ الْعُمْرَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا وَقَضَاؤُهَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْضِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَالْعُمْرَةُ أَوْلَى بِالرَّفْضِ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى حَالًا وَأَقَلُّ أَعْمَالًا وَأَيْسَرُ قَضَاءً لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ، وَكَذَا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِمَا قُلْنَا. فَإِنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ رَفَضَ الْحَجَّ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَتَعَذَّرَ رَفْضُهَا كَمَا إذَا فَرَغَ مِنْهَا، وَلَا كَذَلِكَ إذَا طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُمْرَةِ، وَلِأَكْثَرِ الطَّوَافِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَالْقَارِنُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَيَّدَ بِالْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَطَافَ لَهُ شَوْطًا ثُمَّ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ لِلْحَجِّ قَدْ تَأَكَّدَ، وَقَبْلَ التَّأَكُّدِ كَانَ يُؤْمَرُ بِرَفْضِهَا فَبَعْدَهُ أَوْلَى. وَقُيِّدَ بِالشَّوْطِ: يَعْنِي الْوَاحِدَ لِأَنَّهُ إذَا طَافَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ لَا خِلَافَ فِي رَفْضِ الْحَجِّ، وَأَمَّا فِي الشَّوْطَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَقَدْ صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِوُجُودِ الْخِلَافِ الَّذِي ذُكِرَ إذَا طَافَ لَهَا شَوْطًا.
(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: رَفْضُ الْعُمْرَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا وَقَضَاؤُهَا وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْضِ أَحَدِهِمَا) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْضِ أَحَدِهِمَا حَذَرًا مِنْ الِاسْتِدَامَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ (وَالْعُمْرَةُ أَوْلَى بِالرَّفْضِ لِأَنَّهَا أَدْنَى حَالًا) لِكَوْنِهِ فَرْضًا دُونَهَا (وَأَقَلُّ أَعْمَالًا) ؛ لِأَنَّ أَعْمَالَهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لَا غَيْرُ (وَأَيْسَرُ قَضَاءً لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ تَطَوُّعًا فَيُعَلَّلُ بِالْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ. وَقَوْلُهُ (وَكَذَا إذَا أَحْرَمَ) يَعْنِي رَفْضُ الْعُمْرَةِ أَحَبُّ لَكِنَّ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ (لِمَا قُلْنَا) يَعْنِي مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ عَطْفٌ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُوَ مُلَبِّسٌ لَا مَحَالَةَ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ) ظَاهِرٌ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا. وَقَوْلُهُ (وَلَا كَذَلِكَ إذَا طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا) اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ هَاهُنَا فِي بَعْضِهَا عِنْدَهُمَا وَفِي بَعْضِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي بَعْضِهَا: وَكَذَلِكَ إذَا طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِحَذْفِ كَلِمَةِ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ.
قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ الْإِمَامُ مَوْلَانَا حُسَامُ الدِّينِ الْأَخْسِيكَتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَالصَّوَابُ وَكَذَلِكَ يَعْنِي النُّسْخَةَ الْأَخِيرَةَ قَالَ: وَهَكَذَا أَيْضًا وَجَدْته بِخَطِّ شَيْخِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ النُّسَخِ وَجْهٌ، أَمَّا وَجْهُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا وَجْهُ الثَّانِيَةِ فَهُوَ أَنَّهُ لِدَفْعِ سُؤَالِ سَائِلٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا أَخَذَ الْأَكْثَرُ حُكْمَ الْكُلِّ يَكُونُ الْأَقَلُّ مَعْدُومًا حُكْمًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفُضَ الْعُمْرَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ