الْإِحْرَامَ قَبْلَهُ جَازَ، وَمَا عَجَّلَ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَهُوَ أَفْضَلُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ وَزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ، وَهَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي حَقِّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَسُقْ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) وَهُوَ دَمُ الْمُتَمَتِّعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَإِذَا حَلَقَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ حَلَّ مِنْ الْإِحْرَامَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ مُحَلِّلٌ فِي الْحَجِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَحَلَّلُ بِهِ عَنْهُمَا.

قَالَ: (وَلَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْإِفْرَادُ خَاصَّةً) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ لِلنَّصِّ الَّذِي تَلَوْنَا: يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196]

وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا حَلَقَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ حَلَّ مِنْ الْإِحْرَامَيْنِ) يَعْنِي إحْرَامَ الْعُمْرَةِ وَإِحْرَامَ الْحَجِّ. فَإِنْ قِيلَ: التَّحَلُّلُ مِنْهُمَا يَقْتَضِي قِيَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْحَلْقِ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ بَاقِيًا عِنْدَهُ لَزِمَ الْقَارِنَ دَمَانِ إذَا جَنَى بِقَتْلِ الصَّيْدِ قَبْلَ الْحَلْقِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ كَانَ الْإِحْرَامُ بَاقِيًا لَزِمَ قِيمَتَانِ كَمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ. أُجِيبَ بِأَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ بَاقٍ لِلتَّحَلُّلِ لَا غَيْرٍ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا عَدَاهُ فَلَيْسَ بِبَاقٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ غَايَةَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ الْحَجَّ، وَالْمَضْرُوبُ لَهُ الْغَايَةُ لَا يَبْقَى بَعْدَ وُجُودِهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّحَلُّلِ لَا غَيْرَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَقَعْ الْجِنَايَةُ عَلَى إحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَلَا يَجِبُ لِأَجْلِهِ شَيْءٌ كَإِحْرَامِ الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الْحَلْقِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى فِي حَقِّ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ وَيَبْقَى فِي حَقِّ الْجِمَاعِ ضَرُورَةُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ) اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ لَا تَمَتُّعَ لَهُمْ وَلَا قِرَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَإِمَامُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015