مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا. وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَجَّهَ إلَيْهَا أَنَّ الْأَمْرَ هُنَالِكَ بِالتَّوَجُّهِ مُتَوَجِّهٌ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ، وَالتَّوَجُّهُ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْعُمْرَةِ فَافْتَرَقَا. قَالَ (وَسَقَطَ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ) لِأَنَّهُ لَمَّا ارْتَفَضَتْ الْعُمْرَةُ لَمْ يَرْتَفِقْ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ لِرَفْضِ الْعُمْرَةِ) بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا (وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا) لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا فَأَشْبَهَ الْمُحْصَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQاحْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِيرُ رَافِضًا لِلْعُمْرَةِ بِالتَّوَجُّهِ إلَى عَرَفَاتٍ قِيَاسًا عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى الْجُمُعَةِ. وَوَجْهُ الصَّحِيحِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ بَيِّنٌ.
وَوَجْهُ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِابْتِدَاءِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ضِدِّهِ وَلَا كَرَاهَةَ إلَّا بِالنَّهْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَكُونُ رَافِضًا لِعُمْرَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ يَدْخُلُ فِي طَوَافِ الْحَجِّ عِنْدَهُ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ طَوَافٌ مَقْصُودٌ لِلْعُمْرَةِ، وَالْفَائِدَةُ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ. فَعِنْدَنَا يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ الَّذِي هُوَ نُسُكٌ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ دَمٌ لِرَفْضِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ رَفْعَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَدَاءِ الْأَفْعَالِ يُوجِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْإِحْصَارِ، وَعِنْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ وَيَقْضِيهَا لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.