يَدَيْهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ.

وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْأَيْدِي بِالدُّعَاءِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي دُعَائِهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِفِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ» ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ رَمْيٍ بَعْدَهُ رَمْيٌ يَقِفُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ فِي وَسَطِ الْعِبَادَةِ فَيَأْتِي بِالدُّعَاءِ فِيهِ، وَكُلُّ رَمْيٍ لَيْسَ بَعْدَهُ رَمْيٍ لَا يَقِفُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْتَهَتْ، وَلِهَذَا لَا يَقِفُ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَيْضًا.

قَالَ (فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ النَّفْرَ إلَى مَكَّةَ نَفَرَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203] وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقِيمَ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَبَرَ حَتَّى رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ» . وَلَهُ أَنْ يَنْفِرَ مَا لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ» حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَالْمَوَاطِنُ هِيَ: عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَالْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ، وَفِي الْعِيدَيْنِ، وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَبِعَرَفَاتٍ، وَجَمْعٍ، وَعِنْدَ الْمَقَامَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ. وَذِكْرُ الْجَمْرَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقِيمُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ لَا يَفْعَلُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّفْعَ يُنَافِي السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ فَيُسَنُّ فِي مَوْضِعٍ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ وَيُتْرَكُ فِي الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ الدَّلِيلِ.

قَالَ (فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بَعْدَ الزَّوَالِ) يَعْنِي إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ مِثْلَ مَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ النَّفْرَ) أَيْ الذَّهَابَ وَالْخُرُوجَ مِنْ مِنًى (إلَى مَكَّةَ) فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ فَعَلَ ذَلِكَ (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] أَيْ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَمَنْ تَأَخَّرَ إلَى الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (لِمَنْ اتَّقَى) وَقَوْلُهُ {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203] يَتَعَلَّقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015