أحد الطلاب بقتل زميلة له داخل مبنى الجامعة ثم خرجت الصحف بتصريح للطبيب النفسي الذي كان يعالج لديه الطالب الجاني يقول فيه: إن الطالب قد أخبره بأنه ينوي الإقدام على هذا العمل.
ومن الملاحظ أنه في كل مرة يقرر فيها هؤلاء الأطباء أنهم كانوا يعالجون هؤلاء الجناة, فإن محاميي هؤلاء الجناة يستفيدون من شهادة وتقارير هؤلاء الأطباء ليصلوا إلى إعفاء الجاني من المسئولية وتنتهي كل قضية إلى إيداع الجاني في مصحّة للأمراض النفسية. والسؤال الذي نطرحه هنا هو: إذا كانت مسئولية مثل هذه الجريمة تسقط عن الجاني لوجود "اختلال في قواه العقلية" فمن يتحمل المسئولية إذن؟ لا شك أن الطبيب أو المعالج النفسي متخصص في هذا المجال، ويدرك من التشخيص أن هناك مآلا للمرض يجب عليه أن يتوقعه وأن يحسب حسابه، فالشخص الذي لديه حالة اكتئاب شديدة تكون لديه ميول انتحارية، وفي نفس الوقت تدفعه تشاؤماته إلى قتل آخرين من ذوي الصلة القريبة به كالوالدين أو الأبناء أو الزوجة أو الزوج تحت إطار الخوف عليهم من مستقبل مظلم. وبعض الحالات المرضية الأخرى مثل حالات الفصام البارانويدي التي توجد فيها هذاءات "ضلالات في التفكير" مع الهلاوس السمعية أو البصرية, فإن احتمالات القتل كبيرة، وفي هذه الحالة قد يكون القتل موجها إلى أشخاص قريبين في أسرة المريض أو بعيدين عنه, ولكنهم ذوو صلة بالهذاءات التي لديه، مثلا رؤساؤه في العمل. فإذا كان الطبيب أو المعالج أو المرشد يدركون مآل هذه الأمراض من واقع تدريبهم وخبرتهم، ألا يكون من الضروري أن يتخذوا الإجراءات المناسبة لتنبيه من يتوقع أن يقع عليهم الخطر، وقبل ذلك وأهم منه أنهم -نتيجة لتقدير هذا الخطر- يمكن أن يطلبوا إيداع المريض أحد المستشفيات النفسية؟
والمرشد يحتاج دائما أن يكون مطلعا على الأنظمة والقوانين التي تطبق في المجتمع الذي يعمل فيه، وأن يدرك مسئوليته تجاه المسترشد وتجاه المجتمع في إطار هذه القوانين، وأن عليه واجبا في رعاية مصلحة المسترشد، كما أن عليه التزاما أيضا في دفع الضرر عن الآخرين وعن المجتمع بوجه عام.