...
أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد:
تعتبر الأسس الأخلاقية ذات أهمية كبيرة في العمل الإرشادي، وهي كما سبق القول واحدة من محددات أربع أساسية للعمل الإرشادي كعمل تخصصي أو مهنة Profession وهي العلم، والخبرة "المهارة"، والصفات الشخصية والاتجاهات، والقواعد الأخلاقية للمهنة.
فالقواعد الأخلاقية هي قواعد يتفق عليها أهل الصنعة في تقديم صناعتهم "مهنتهم" للجمهور، بحيث يمكنهم الرجوع إليها عندما يستشعرون أن هناك خطرا يدب داخل المهنة، أو عندما يتساءل من هم خارج المهنة عن طبيعة العمل في هذه المهنة، فهي بمثابة صمام الأمان الداخلي والخارجي.
يناقش الطريري "1989" أهمية المعايير في مجال الطب النفسي, فيقول:
إن وجود معايير في أي مجال من المجالات يفترض أن تكون نتائجها متسمة بالدقة والانضباط وجودة العمل والحرص من قِبَل القائمين على ذلك العمل، وذلك انسجاما وتحقيقا للحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: $"رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه" وبالإمكان أن نقول: إن المعايير في مجالات الطب النفسي قد تحقق الأهداف التالية:
1- تحديد مواصفات وخصائص الأشخاص المؤهلين للعمل في مجالات الطب النفسي.
2- تحديد الأساليب, والفنيات الواجب اتباعها لأداء المهنة.
3- تعمل المعايير على وضع أسس التعامل بين الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي مع مرضاه.
4- تساعد هذه المعايير على وضع الحدود التي يتم في إطارها وضع المعلومات الضرورية في متناول من سيقومون بعمل قرار ما.
5- تعمل هذه المعايير على تحديد طريقة التعامل مع المعلومات وسريتها "ص2، 3".
وفي الواقع, إن القواعد الأخلاقية التي تنظم عمل المرشد النفسي، وكذلك عمل الأخصائي النفسي بصفة عامة تهتم بتحديد الخطوط العامة التي تساعد المرشد على توقِّي الوقوع فيما يضر الآخرين، وكذلك تساعد على توفير حماية للمهنة من داخلها إذا وقعت انحرافات من بعض الممارسين لها، وتحديد الواجبات والمحظورات والمسئوليات التي يلتزم بها المرشدون في عملهم.
إن المرشد يدرك أن الدين هو مصدر الأخلاق، وأنه في التزامه بالخلق الذي يحضه عليه الدين لا شك سيجد أن تصرفاته تسير في طريق الممارسة الصحيحة، فالدين يأمر بالرفق والتعاطف والمساندة والتسامح وصون الأسرار والنصيحة، وكل ما من شأنه حماية الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وهو يأمر بالتيسير والإخلاص والأمانة والوفاء والصدق، ويأمر بدفع المفاسد وتقديم دفع المفاسد على جلب المصالح، وغير ذلك من الأصول المثبتة التي تحكم السلوك البشري وتدفعه إلى طريق الاستقامة طريق الخير.
وسوف نناقش فيما يلي مجموعة من القواعد الأخلاقية التي تساعد المرشد في عمله:
1- العلم:
يجب على المرشد أن تكون لديه معلومات مناسبة عن طبيعة البشر وسلوكهم، وعن نموهم وما يصادفهم من مشكلات وأساليب التعامل مع هذه المشكلات والنظريات التي تفسر السلوك، والأسباب المؤدية إلى المشكلات, وكذلك واقع المجتمع وحاجاته وواقع المؤسسة التي يعمل فيها. وفي الواقع, إن الأساس المعرفي هو الأساس الذي ينطلق منه المرشد في ممارسته وفي توجيه مهارته سواء كان ذلك في تكوين العلاقة الإرشادية, أو في التعرف على المشكلة وتحديدها وتفسيرها، أو في إعداد الأهداف، أو عند استخدام طريقة للإرشاد، أو في المراحل النهائية للإرشاد، والمرشد يجب أن تتوافر