نفسه حين يحاسبها ويلامس ذاته، ويعرف حقيقة دوافعه، فيمكنه أن يصحح ما وقع فيه من أخطاء، وقد يقتضيه ذلك في بعض الأحيان أن يعتذر عن إتمام العمل الإرشادي، ويحيل المسترشد إلى مرشد آخر، ولسنا نتصور أن يتصدى للعمل الإرشادي شخص خجول يتوارى عن التعامل مع الناس، فصفة الخجل صفة لا تتسق على الإطلاق مع العمل الإرشادي، غير أنه من الضروري أن ننبه أنه في بداية عمل المرشد قد يستشعر الرهبة في موقف الإرشاد، وقد يرتبك بعض الشيء، وخاصة في مرحلة التدريب، إلا أنه مع مرور الوقت ومع معايشة النجاح جلسة وراء الأخرى، تزول هذه الرهبة ويكتسب المرشد ثقة كبيرة في نفسه وفي أدائه، أما إذا كان الخجل صفة لازمة للمرشد، فإنه قد يتعرض لمواقف صعبة كثيرة، وسيكون من الصعب عليه إدارة عملية الإرشاد على النحو السليم، أو مواجهة المسترشد حين تدعو الحاجة لذلك.
وبالنسبة للحياء فهو صفة إيجابية تحتاج إليها في العمل الإرشادي، فالحياء هو ذلك الميزان الحساس الذي يستخدمه المرشد ليعرف ما يتمشى مع الشرع، وما يتمشى مع الأخلاق، وما يتمشى مع الذوق ومع الفطرة السليمة، الحياء يختلف عن الخجل، فالخجل تعتري المرء فيه مشاعر بالدونية، وخوف من النقد دون أساس واقعي أما الحياء، فإن المرء يعرض فيه عمله على مستوى رفيع مستقر من شريعة وأخلاق، وميل فطري ليعرف فيه السليم من المعيب، فينحو نحو السليم، وفي حديث الرسول عليه الصلاة والسلام.
"والحياء شعبة من شعب الإيمان".
عن ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء"، قلنا: إنا نستحيي من الله يا رسول الله -والحمد لله- قال: "ليس ذلك، الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، وآثر الأخرى على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"، "رواه الترمذي".
يقول الشيخ محمد الغزالي في تعليقه على خلق الحياء:
أما إذا سقطت صبغة الحياء عن الوجه، كما تسقط القشرة الخضراء عن العود