ويجوز أن يكون من " أجزت عن فلان الكأس " إذا تركته وسقيت غيره، فجازت عنه دون أن يشربها، فقال أبو نواس:
وقلت لساقينا أجزنا فلم أكن ... ليأبى أمير المؤمنين وأشربا
فجوزها عني عقاراً ترى لها ... إلى الشرف الأعلى شعاعاً مطنبا
وقد تقدم ذكره الإجازة التي فيها عيوب القوافي، وذكرت اشتقاقها.
ومن هذا الباب نوع يسمى التمليط، وهو أن يتساجل الشاعران فيصنع هذا قسيماً وهذا قسيماً لينظر أيهما ينقطع قبل صاحبه، وفي الحكاية أن امرأ القيس قال للتوأم اليشكري: إن كنت شاعراً كما تقول فملط أنصاف ما أقول فأجزها، قال: نعم، قال امرؤ القيس: أحار ترى بريقاً هب وهناً فقال التوأم: كنار مجوس تستعر استعارا ف قال امرؤ القيس: أرقت له ونام أبو شريح فقال التوأم: إذا ما قلت قد هدأ استطارا ولا يزالان هكذا، يصنع هذا قسيماً وهذا قسيماً إلى آخر الأبيات.
وقد تقدم إنشادها في باب أدب الشاعر من هذا الكتاب.
وربما ملط الأبيات شعراء جماعة، كما يحكى أن أبا نواس والعباس بن الأحنف والحسين بن الضحاك الخليع ومسلم بن الوليد الصريع خرجوا في متنزه لهم ومعهم يحيى بن المعلى، فقام يصلي بهم، فنسي الحمد وقرأ " قل هو الله أحد " فأرتج عليه في نصفها، فقال أبو نواس: أجيزوا:
أكثر يحيى غلطاً ... في قل هو الله أحد