" لا يسألون الناس إلحافاً " قالوا: ليس يقع منهم سؤال فيقع إلحافاً: أي هم لا يسألون البتة.
والمعيب من هذا الباب قول كثير يرثي عزة صاحبته:
فهلا وقاك الموت من أنت زينه ... ومن هو أسوأ منك دلاً وأقبح؟
لأنه قد أوهم السامع أن لها دلاً سيئاً، ولكن غيره أسوأ منه وأقبح، فكيف إن كان القبح راجعاً عليها لا على دلها، وليس هذا في شيء من قوله تعالى: " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلا " لأن هذا إشكال فيه.
ومن حسن الصنعة أن تطرد الأسماء من غير كلفة، ولا حشو فارغ؛ فإنها إذا أطردت دلت على قوة طبع الشاعر، وقلة كلفته ومبالاته بالشعر.
وذلك نحو قول الأعشى:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ... وأنت امرؤ ترجو شبابك وائل
فأتى كالماء الجاري اطراداً وقلة كلفة، وبين النسب حتى أخرجه عن مواضع اللبس والشبهة..
ولما سمع عبد الملك بن مروان قول دريد بن الصمة:
قتلنا بعبد الله خير لداته ... ذؤابة بن أسماء بن زيد بن قارب
قال كالمتعجب: لولا القافية لبلغ به آدم، ورواه قوم " أبأت بعبد الله ".
وقال أبو تمام:
عبد المليك بن صالح بن عل ... ي بن قسيم النبي في نسبه
فهذا سهل العنان، خفيف على اللسان، وإن كانت الياء في " المليك " ضرورة وتكلفاً.
وقال الحارث بن دوس الإيادي: