فسقاك حيث حللت غير فقيدة ... هزج الرواح وديمة لا تقلع

فقوله غير فقيدة تتميم لما أراد من دنوها وسقياها غير راحلة ولا ميتة إذ كانت العادة أن يدعى للغائب الميت بالسقي؛ فاحترس من ذلك.

وقد عاب قدامة على ذي الرمة قوله:

ألا يا سلمي يا دار مي على البلا ... ولا زال منهلاً بجرعائك القطر

فإنه لم يحترس كما احترس طرفة، فرد ذلك عليه بأن الشاعر قدم الدعاء بالسلامة للدار في أول البيت، وهذا هو الصواب.. وقال زهير:

من يلق يوماً على علاته هرماً ... يلق السماحة منه والندى خلقا

قوله على علاته مبالغة وتتميم عجيب.

والأصل في هذا قول الله عز وجل: " ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً " فقوله " على حبه " هو التتميم والمبالغة في قول من قال إن الهاء ضمير الطعام، وإن كان كناية عن الله تعالى خرج المعنى عن هذا الباب، وقال الله جل اسمه: " من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة " فتمم بقوله وهو مؤمن " ومن أناشيد قدامة والحاتمي وغيرهما قول نافع بن خليفة الغنوي:

رجال إذا لم يقبل الحق منهم ... ويعطوه عادوا بالسيوف القواضب

قال الحاتمي: فإن المعنى تم بقوله " ويعطوه " وإلا كان ناقصاً.

ويجري مجراه عندي قول عنترة العبسي:

أثني علي كما علمت فإنني ... سهل مخالفتي إذا لم أظلم

فقوله إذا لم أظلم تتميم حسن.

وقال آخر:

فلا تبعدن إلا من السوء؛ إنني ... إليك وإن شطت بك الدار نازع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015