باب الاستثناء

وابن المعتز يسميه توكيد المدح بما يشبه الذم، وذلك نحو قول النابغة الذبياني:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

فجعل فلول السيف عيباً، وهو أوكد في المدح..

وقال النابغة الجعدي:

فتى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقى من المال باقيا

فاستثنى جوده الذي يستأصل ماله، بعد أن وصفه بالكمال. وبهذا الاستثناء ثم وزاد كمالاً وتأكد حسنه..

فتى تم فيه ما يسر صديقه ... على أن فيه ما يسوء الأعاديا

فكأنه لما كان فيه ما يسوء أعاديه لم يطلق عليه أنسه يسر فقط، وذلك زيادة في مدحه، وليس هذا الاستثناء على ما رابه النحويون فتطلبه بحروف الاستثناء المعروفة، وإنما سمي اصطلاحاً وتقريباً، سماه هؤلاء المحدثون نحو الحاتمي وأصحابه ولم يسم حقيقة..

ومن مليح هذا النوع قول أبي هفان وقد تقدم به وجود غاية التجويد:

ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا، والبأس من كل جانب

فأفنى الردى أرواحنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير عائب

فقوله إن السماح ولبأس أضر بهم ليس بعيب على الحقيقة، ولكن توكيد مدح، والمليح كل المليح قوله " وغير عائب " فهذا الثاني أعجب من الأول وألطف موقعاً.. وقال آخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015