ويخططن بالعيدان في كل منزل ... ويخبأن رمان الثدي النواهد
ومثله قول أبي محجن الثقفي في وصف قينة:
وترفع الصوت أحياناً وتخفضه ... كما يطن ذباب الروضة الغرد
فأي قينة تحب أن تشبه بالذباب؟ وقد سرق بيت عنترة وقلبه فأفسده.
والأشارة من غرائب الشعر وملحه، وبلاغة عجيبة، تدل على بعد المرمى وفرط المقدرة، وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز، والحاذق الماهر، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة، واختصار وتلويح يعرف مجملاً ومعناه بعيد من ظاهر لفظه؛ فمن ذلك قول زهير:
فإني لو لقيتك واتجهنا ... لكان لكل منكرة كفاء
فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه، هذا عند قدامة أفضل بيت في الإشارة.. وقول الآخر:
جعلت يدي وشاحاً له ... وبعض الفوارس لا يعتنق
وهذا النوع من الشعر هو الوحي عندهم.. وأنشد الحاتمي عن علي بن هارون عن أبيه، عن حماد، عن أبيه إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
جعلنا السيف بين الخد منه ... وبين سواد لمته عذارا