قد هاج قلبي منزل ... من أم عمرو مقفر
فهذه داخلة في القصيد، وليس يمتنع أيضاً أن يسمى ما كثرت بيوته من مشطور الرجز ومنهوكه قصيدة؛ لأن اشتقاق القصيد من " قصدت إلى الشيء " كأن الشاعر قصد إلى عملها على تلك الهيئة، والرجز مقصود أيضاً إلى عمله كذلك.
ومن المقصد ما ليس برجز وهم يسمونه رجزاً لتصريع جميع أبياته؛ وذلك هو مشطور السريع، نحو قول الشاعر أنشدناه أبو عبد الله محمد بن جعفر النحوي عن أبي علي الحسين بن إبراهيم الآمدي، عن ابن دريد، عن أبي حاتم السجستاني، عن أبي زيد الأنصاري:
هل تعرف الدار بأعلى ذي القور ... غيرها نأج الرياح والمور
ودرست غير رماد مكفور ... مكتئب اللون مريح ممطور
وغير نؤى كبقايا الدعثور ... أزمان عيناء سرور المسرور
عيناء حوراء من العين الحور
وأنشد أبو عبد الله لابن المعتز:
ومقلة قد بات يبكيها ... فيض نجيع من مآقيها
وكلها طول تمنيها ... بأنجم الليل تراعيها
ومهجة قد كاد يفنيها ... طول سقام ثابت فيها
وبرؤها في كف مبليها ... كما ابتلاها فهو يشفيها
ليس لها من حبها ناصر ... من ذا على الأحباب يعديها
وهذا عند الجوهري من البسيط، والذي أنشد أبو عبد الله على قول الجوهري هو من الرجز، وجعل الجزء الآخر مستفع لن مفروق فيه الوتد، فأسكن اللام؛ لأن آخر البيت لا يكون متحركاً، فخلفه مفعولات.