566 - قَالَ الْحَافِظ الإِمَام أَبُو عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الأندلسي الطلمنكي الْمَالِكِي فِي كتاب الْوُصُول إِلَى معرفَة الْأُصُول وَهُوَ مجلدان أجمع الْمُسلمُونَ من أهل السّنة على أَن معنى قَوْله {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} وَنَحْو ذَلِك من الْقُرْآن أَنه علمه وَأَن الله تَعَالَى فَوق السَّمَوَات بِذَاتِهِ مستو على عَرْشه كَيفَ شَاءَ
وَقَالَ أهل السّنة فِي قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أَن الاسْتوَاء من الله على عَرْشه على الْحَقِيقَة لَا على الْمجَاز فقد قَالَ قوم من الْمُعْتَزلَة والجهمية لَا يجوز أَن يُسمى الله عزوجل بِهَذِهِ الإسماء على الْحَقِيقَة وَيُسمى بهَا الْمَخْلُوق
فنفوا عَن الله الْحَقَائِق من أَسْمَائِهِ وأثبتوها لخلقه فَإِذا سئلوا مَا حملهمْ على هَذَا الزيغ قَالُوا الإجتماع فِي التَّسْمِيَة يُوجب التَّشْبِيه
قُلْنَا هَذَا خُرُوج عَن اللُّغَة الَّتِي خوطبنا بهَا لِأَن الْمَعْقُول فِي اللُّغَة أَن الِاشْتِبَاه فِي اللُّغَة لَا تحصل بِالتَّسْمِيَةِ وَإِنَّمَا تَشْبِيه الْأَشْيَاء بأنفسها أَو بهيئات فِيهَا كالبياض بالبياض والسواد بِالسَّوَادِ والطويل بالطويل والقصير بالقصير وَلَو كَانَت الْأَسْمَاء توجب اشتباهاً لاشتبهت الْأَشْيَاء كلهَا لشمُول اسْم الشَّيْء لَهَا وَعُمُوم تَسْمِيَة الْأَشْيَاء بِهِ فنسألهم أتقولون إِن الله مَوْجُود فَإِن قَالُوا نعم قيل لَهُم يلزمكم على دعواكم أَن يكون مشبهاً للموجودين
وَإِن قَالُوا مَوْجُود وَلَا يُوجب وجوده الِاشْتِبَاه بَينه وَبَين الموجودات
قُلْنَا فَكَذَلِك هُوَ حَيّ عَالم قَادر مُرِيد سميع بَصِير مُتَكَلم يَعْنِي وَلَا يلْزم اشتباهه بِمن اتّصف بِهَذِهِ الصِّفَات // كَانَ الطلمنكي من كبار الْحفاظ وأئمة الْقُرَّاء بالأندلس عَاشَ بضعاً وَثَمَانِينَ سنة