قادت أبو زيد تحليلاته إلى مستوى أعلى، فاستند في كتابه النص والسلطة والحقيقة (109) إلى ما سماه: المسكوت عنه في بنية الخطاب، وأكد لنا أن هذا المسكوت عنه ليس هو الفحوى أو لحن الخطاب المذكورين في أصول الفقه. بل هو سياق أعمق، بحيث يمكن لنا أخذ دلالة معكوسة لدلالة النص.

وضرب لنا أبو زيد مثلا: فذكر أن القرآن تحدث عن الجن بناء على الثقافة السائدة آنذاك، أي: البيئة الثقافية في جزيرة العرب، حيث الإيمان بالجن هو الشائع، لكن بتحليل السياق اللغوي في القرآن على مستوى أنسنة الجن بتقسيمهم إلى مؤمنين وكافرين، وعلى مستوى مرجعية الضمائر (أي: الغائب)، وعلى مستوى مصادرة حق الجن في الاستماع إلى أخبار السماء عن طريق محاصرتها بالشهب الحارقة الراصدة للجن، ليستخلص أبو زيد بجزم تام وخفة وطيش كبيرين: أمكننا القول: إن النص يلغي وجود الجن بدلالة المسكوت عنه المستخرجة من تحليل السياق اللغوي (?).

ما شاء الله، ما شاء الله!! يا لها من تحليلات دقيقة، تدل على البراعة التامة والعمق المعرفي!!! إنها حقا الإيديولوجية النفعية التي نعاها على غيره.

هذه هي دائرة الصمت والمسكوت عنه في بنية الخطاب كما قال العلامة الهمام أبو زيد!. والأكثر من هذا أن هذه القراءة النصرية تتعدد إلى ما نريد قراءته، قال: ولا شك أن تحليل مستويات السياق اللغوي في بنية النصوص الدينية بإدخال مستوى المسكوت عنه- ناهيك بمستويات هذا المسكوت عنه المتعددة بتعدد مستويات القراءة، يمكن أن تساعدنا إلى حد كبير في فهم أعمق- وأكثر علمية- للنصوص (?).

هذا هو مشروع أبي زيد لتجاوز الدين وإقصائه.

وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015