والأمر لا يعدو في نظري كونه استراتيجية تمويهية أمام الرأي العام، فثقافة الكراهية ورفض الآخر هي أكثر بروزا وتجليا في الخطاب العلماني كما سنوضح في هذا المبحث.
وكل العلمانيين يرون في نخبهم رمزا للحداثة والعقلانية والتحضر، وما عداهم يمثل الرجعية وظلاميون ومتخلفون ودوغمائيون.
يقول تركي علي الربيعو عن هذا التصنيف: هو خندق، أو لنقل مع هرسكوفيتز (خبير الإناسة المعروف): راية حرب ضد طرف آخر يوصف بالانغلاق والجمود، ويتم تناوله على أنه فُضْلة تاريخية جامدة (?).
فتحول العلماني من مفكر يقبل الآخر إلى مُدَّع عام. ولم يعد همه أن يحاور ويتواصل، بل همه أن يتهم، أو بالأحرى يتفنن في إصدار الاتهامات المجانية المبتذلة.
ولهذا دعا الباحث الفرنسي جيل كيبيل الباحثين في الحركات الإسلامية المعاصرة إلى خلع نظاراتهما السميكة وإحلال أخرى محلها تسمح برؤية ما لا يريدون رؤيته (?).
لا يفرق العلمانيون في خطابهم بين الدين الرسمي والإسلاميين، فالكل في سلة واحدة.
الدين الرسمي ممثلا بوزارة الأوقاف وجهاز الفتوى والمجالس العلمية وغيرها من المؤسسات الدينية التابعة للدولة.
والإسلاميون بشتى أطيافهم، كلهم