من جهة، ومن جهة أخرى فالأسئلة مرهونة بطبيعة الإطار الاجتماعي الثقافي والفكري الذي يحددها، ولذلك يمكن أن تتغير الأسئلة، ويمكن أن تطرح أسئلة جديدة، ومعنى ذلك أن جوهر الإسلام ليس معطى ثابتا، بل هو جوهر قابل دائما للاستنباط وإعادة الاكتشاف بحسب تطور الوعي الإنساني. وهكذا نعود للجذر الأصلي- جذر وحدة المعرفة في خطاب النهضة- الذي يسمح للعقل بالحركة الدائمة الحرة دون حدود فاصلة عازلة بين الثابت والمتغير، أو بين الدنيوي والديني معرفيا ... الخ كلامه بل هرائه (?).
وهو كلام في غاية الوضوح والظهور، لكن نبسطه باختصار: لا يجب في نظر أبي زيد أن نتقيد بأحكام الإسلام المعروفة، بل يجب أن ننظر في المقصد منها، وهذا المقصد أي: جوهر الإسلام متغير بتغير المجتمعات والظروف، فمثلا جوهر الإسلام يدور حول الحرية والعدل والمساواة (?). فكل ما رسخ الحرية والعدل والمساواة هو الإسلام. فالزنا واللواط إذا أصبحت مستساغة في مجتمع ما، فجوهر الإسلام هو الإبقاء عليها والدفاع عنها حسب أصول أبي زيد، لأنها حينئذ حرية شخصية تحقق العدل والمساواة في ظل القراءة النصراوية سيتم تحويل الإسلام اعتمادا على التأصيل إلى نسخة علمانية بامتياز.
إنها قراءة للإسلام بعيون علمانية، أو بعبارة أكثر دقة: ستتحول أصول العلمانية إلى مقاصد الشريعة، وبالتالي سيقضى على الإسلام لتحل محله العلمانية.
هنا تتكشف حقيقة قراءة أبي زيد إضافة إلى القراءات المختلفة التي يقدمها التيار العلماني (نقد العقل العربي، نقد العقل الإسلامي، نقد النص ... الخ)، إنها