وتحدث أركون عما سماه تفسخ القيم القديمة وحلول قيم جديدة محلها (?).
من هنا لاحظ أركون كيف أن الفكر الإسلامي يخلط بين ما هو ديني بما هو أخلاقي، فمثلا قيم القناعة والكفاية والكفاف والصبر والزهد والضيافة والكرم والحرص والشره والبخل يعرض لها الذهبي في كتاب الكبائر على أن الإخلال بها خطيئة في حق الله. وهذا ما لا ترضاه علمانية أركون، ولابد في نظره من التمييز بين الديني والدنيوي (?).
حتى مفاهيم مثل القناعة والصبر والضيافة والكرم يرغب العلمانيون في فك ارتباطها بالدين، مما يؤكد أن العلمانية هي الوجه الحديث للإلحاد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
بينما اعتبر القمني أن القيم الوضعية هي الأصل لا القيم الأخلاقية الإلهية البدائية.
قال القمني عن القيم الإسلامية زمن الدعوة الإسلامية: لا يعني أنها كانت قيما دينية، بقدر ما كانت مغرقة في ذاتيتها وبدائيتها وغرائزيتها، بحكم زمنها وطبيعة بيئتها القاسية (?).
ونقل عن العلمانيين أن القيم الوضعية الإنسانية التي تعارف الناس عليها، وتوافقوا بشأنها في مجتمع بعينه في زمن بذاته، هي التي تشرح لنا القيم الإلهية وتفسرها (?).
فالقيم العلمانية الوضعية هي التي تفسر القيم الإلهية، ولنضرب مثلا لذلك مفهوم العفة في عصرنا يعني تحرير المرأة من كل الأحكام المسبقة والفروض