(ومن قبله أنبياء التوراة بصورة خاصة) يرتد -وفق منطوق أولئك- إلى الخافية المذكورة التي فعلت فعلها المكثف على امتداد سنوات طويلة (على صعيد حياة محمد المفردة)، وطوال قرون (على صعيد حيوات الأنبياء المتتالين) وفي المحصلة يظهر الوحي بمثابته كلمة الله الممتدة عبر تلك القرون ومن ثم عبر حيوات أولئك الأنبياء (?).
إذن لايعدو الوحي أن يكون حديثا باطنيا تفاعل عبر تجارب معينة وتاريخ معين.
أمَّا أن الله أرسل ملكا اسمه جبريل بوحي منه إلى رسله لهداية خلقه، فتلك خرافة تجاوزها العلم الحديث في رأي العلمانيين. فنحن إذن أمام عداء سافر للدين ولأساسه، وليس كما ينعق من لا يفهم أن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، بل هي إقصاء للدين وإبطال له.
وكل العقائد حول المصير والمآل، ويوم الحساب، وغيرها التي جاء بها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ما هي إلا تبلور لمفاهيم تراكمت وتكثفت عبر مراحل معينة كما يقرر تيزيني (?).
ولهذا فهو يتحدث في كتابه الضخم «مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كزعيم سياسي ومعلم ديني وصاحب مشروع، لا بوصفه رسولا موحى إليه بوحي من عند الله ويتحاشى الحديث عن هذا الجانب بمرة، فهذه ميتافيزيقا خرافية يرفضهما نظر الماركسي العتيد.
وتحدث تيزيني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بكونه مثقفا مطلعا كبيرا على الأديان والأفكار