فهل علينا أن نقبل بمثل هذه القرارات (ابتداء من الإبادة النازية وانتهاء بالمخدرات والإباحية) أم ينبغي أن نرفض مثل هذه القرارات الديمقراطية استنادا إلى مرجعية أخلاقية، متجاورة للإجراءات الديمقراطية؟ (?).
ونظرا لكل الاعتبارات المتقدمة. أعني كل المآسي التي جلبتها العلمانية معها لم يعد هناك بد من الاعتراف بأزمة الحداثة.
ولهذا شاع في الغرب الحديث عن ما بعد الحداثة أو نهاية الحداثة كما قال محمد الشيخ في «ما معنى أن يكون المرء حداثيا» (165).
وقد ذكر الجابري في التراث والحداثة (16) أن في أوروبا يتحدثون اليوم عن ما بعد الحداثة باعتبار أن الحداثة ظاهريا انتهت مع نهاية القرن التاسع عشر بوصفها مرحلة تاريخية قامت في أعقاب عصر الأنوار (القرن الثامن عشر). هذا العصر الذي جاء هو نفسه في أعقاب عصر النهضة (القرن السادس عشر).
وهذا ما أكده أركون في مواطن عديدة من كتبه، منها قوله: يمكن اعتبار مدرسة فرانكفورت أو أبحاث ميشيل فوكو وآلان تورين ويورغين هابرماس .. إلخ بمثابة الأعمال الفكرية التي تجسد مرحلة ما بعد الحداثة، فهي التي قامت بعودة نقدية راديكالية على عقل التنوير والعقل الوضعي الذي ساد القرن التاسع عشر وحتى ما بعد الحرب العالمية الثانية (?).