قَالَ عبد الْملك بن حبيب:
وَسمعت بعض الْمَدَنِيين من أهل الْعلم بطبّ الْعَرَب والمعرفة بالداء والدواء يَقُول: الدَّاء أَرْبَعَة أمزجة، وَالسّنة أَرْبَعَة، وَالْإِنْسَان أَرْبَعَة أمزجة، فأمزجة الدَّاء الْأَرْبَعَة: الدَّم، والبلغم، والمرّة الْحَمْرَاء، والمرّة السَّوْدَاء. وأمزجة السّنة: الشتَاء، وَالربيع، والصيف، والخريف.
فمزاج الشتَاء البلغم، ومزاج الرّبيع الدَّم، ومزاج الصَّيف المرّة الْحَمْرَاء، ومزاج الخريف المرّة السَّوْدَاء.
وَاعْلَم أَن الخام من البلغم وَهُوَ أَصله فَمَا كَانَ تَحت الصَّدْر إِلَى الْقدَم فالخام، وَمن الصَّدْر إِلَى الرَّأْس فبلغم. والبواسير من الخام. وَالدَّم، والمرّة الصَّفْرَاء هِيَ من الْحَمْرَاء.
وأمزجة الْإِنْسَان الْأَرْبَعَة أَن الْإِنْسَان يكون غُلَاما سبع عشرَة سنة، وشابّاً سبع عشرَة، وكهلاً سبع عشرَة، وشيخاً إِلَى آخر عمره.
فمزاج الْغُلَام الدَّم وَهُوَ حارّ ذُو ابتلال، أخوف السّنة عَلَيْهِ الرّبيع لِأَن فِيهِ سُلْطَان مزاجه، وَكَذَلِكَ الرّبيع حارّ ذُو ابتلال فَإِن تثور عَلَيْهِ غير الدَّم فَهُوَ آمن عَلَيْهِ.
ومزاج الشابّ المرّة الْحَمْرَاء ومزاجه حارّ يَابِس، أخوف السّنة عَلَيْهِ الصَّيف لِأَن فِيهِ سُلْطَان مزاجه، وَكَذَلِكَ الصَّيف حارّ يَابِس فَإِن تثور عَلَيْهِ غير المرّة الْحَمْرَاء فَهُوَ آمن عَلَيْهِ.
ومزاج الكهل المرّة السَّوْدَاء ومزاجه بَارِد يَابِس، أخوف السّنة عَلَيْهِ الخريف لِأَن فِيهِ سُلْطَان مزاجه وَكَذَلِكَ الخريف بَارِد يَابِس، فَإِن تثور عَلَيْهِ المرّة السَّوْدَاء فَهُوَ آمن عَلَيْهِ.
ومزاج الشَّيْخ الخام والبلغم ومزاجهما بَارِد ذُو ابتلال، أخوف السّنة عَلَيْهِ الشتَاء لِأَن فِيهِ سُلْطَان مزاجه، وَكَذَلِكَ الشتَاء بَارِد ذُو ابتلال، فَإِن تثور عَلَيْهِ غير الخام والبلغم فَهُوَ كَانَ آمن عَلَيْهِ.