وشياطين الجنّ يقومون بدور كبير في إفساد الفطرة وتدنيسها، وقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم، فكان مما جاء في خطبته: (ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كلّ مال نحلته (?) عبادي حَلالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً) . (?)

المصائب تصفي جوهر الفطرة:

وكثيراً ما تنكشف الحجب عن الفطرة، فتزول عنها الغشاوة التي رانت عليها عندما تصاب بمصاب أليم، أو تقع في مأزق لا تجد فيه من البشر عوناً، وتفقد أسباب النجاة، فكم من ملحد عرف ربّه وآب إليه عندما أحيط به، وكم من مشرك أخلص دينه لله لضرّ نزل به (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئنِ أنجيتنا من هذه لنكوننَّ من الشاكرين) [يونس: 22] .

وقد سمعنا كيف آب ركاب طائرة ما إلى ربّهم عندما أصاب طائرتهم خلل، فأخذت تهتز وتميل، وتتأرجح في الفضاء، والطيار لا يملك من أمره شيئاً فضلاً عن الركاب، هناك اختفى الإلحاد، وضجّت الألسنة بالدّعاء، ورغبت القلوب إلى ربها بصدق وإخلاص، ولم يبق للشرك والإلحاد وجود في مثل هذا الموقف الرهيب.

المشركون الذين بُعث إليهم الرسول كانوا يقرّون بوجود الخالق:

العرب الذين جابههم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا مقرّين بوجود الله، وأنّه الخالق وحده للكون، كما يقرّون بأنّه وحده الرزاق النافع الضّار، ... ولكنهم كانوا يبعدون غيره معه، ولا يخلصون دينهم لله وحده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015