المبحث الثالث: القواعد والضوابط المتعلقة بالعقود المضافة إلى مثلها، وفيه خمسة مطالب:
الأصلُ في العقود اللازمة على عمل معين تحصيلُ العمل، فيجوز أن يقوم به غير المعقود معه، والعقود غير اللازمة (الجائزة) لا يجوز للمعقود معه أن يقيم غيره مقامه فيها.
والعقود اللازمة هي التي لا يستقل أحد الطرفين فيها بالفسخ دون رضا الآخر، والعقود الجائزة بعكسها، فقد يستقل بفسخها أحد الطرفين أو كلاهما.
قال ابن رجب: (العقد الوارد على عمل معين إما أن يكون لازمًا ثابتًا في الذمة بعوض كالإجارة فالواجب تحصيل ذلك العمل، ولا يتعين أن يعمله المعقود معه إلا بشرط أو قرينة تدل عليه، وإما أن يكون غير لازم وإنما يستفاد التصرف فيه بمجرد الإذن فلا يجوز للمعقود معه أن يقيم غيره مقامه في عمله إلا بإذن صريح أو قرينة دالة عليه، ويتردد بين هذين من كان تصرفه بولاية إما ثابتة بالشرع كولي النكاح أو بالعقد كالحاكم وولي اليتيم) (?).
وتوجيه ذلك أن مقصود العقود اللازمة تحصيل المعقود عليه من عين أو عمل، وليس مباشرة ذلك العمل إلا إذا قامت قرينة على قصد مباشرة المعقود معه، أما العقود الجائزة فهي عرضة للفسخ من الطرفين، وهذا يجعلها أضعف من أن يستند فيها إلى طرف ثالث.
أمثلة ذلك:
أولًا: العقود اللازمة: الأجير المشترك يجوز له الاستنابة في العمل من حيث الأصل؛ لأنه ضمن تحصيله لا عمله بنفسه (?)، والصانع يجوز له الاستنابة من حيث الأصل؛ لأن المعقود عليه تسليم العمل لا مباشرته (?).
ثانيًا: العقود الجائزة: الوكيل في ما يقوم به مثله ولا يعجز عنه لا يجوز له التوكيل من حيث الأصل؛ لأنه عقد جائز (?)، والعامل المضارب ليس له أن يضارب برأس المال من حيث الأصل؛ لأنها عقد جائز (?).
والمراد بكونها من حيث الأصل أن تخلو من شرط أو قرينة تقتضي خلاف الأصل.
وأما العقود اللازمة من طرف والجائزة من الطرف الآخر، كالرهن والكفالة والضمان