بادئ ذي بدء لا يجوز للإنسان أن يوصي بأكثر من الثلث، فإن فعل فصحة الوصية في ما زاد موقوفة على إجازة الورثة (?)، ولا يجوز أن يوصي لوارث إلا بإجازتهم (?)، ويجوز له أن يغيِّر وصيته ويرجع عنها (?)، وبناء على ذلك إذا أوصى الموصي بعينٍ من ماله، مثل أن يوصي بمكتبته أو سيارته، أو بجزءٍ مشاعٍ، مثل أن يوصي بخُمس ماله أو ثلثه، ثم رجع عن تلك الوصية وأوصى بغيرها ناسخًا لها فالعبرة بالوصية الثانية، أما إذا لم يرجع بل أراد أن يزيد في الوصية أو يوصي ثانيةً مع بقاء الأولى فلا تخلو الوصية الجديدة من أن تكون للموصى له الأول، أو تكونَ لغيره معه، فإن كانت لغيره معه اشتركا في الثلث بقدر نصيبهما، فلو وصى للأول بثلث ماله وللثاني بثلث ماله قسم الثلث بينهما نصفين، ولو أوصى للأول بثلث ماله وللثاني بسدس ماله قسم الثلث بينهما، للأول ثلثا الثلث وللثاني ثلثه، ولم يقدَّم بعضُهم على بعض؛ لأن ما تقدم وما تأخر يلزم في وقت واحد، وهو بعد الموت، وهذا قول فقهاء المذاهب الأربعة (?)، وإن كانت الوصية الثانية للأول لا لغيره فإن كانت الوصيتان متفاوتتين فله أكثرهما، وهو مذهب الحنفية (?) والمالكية (?)، وزاد الحنفية: (ما لم يتجاوز الثلث، ولا عبرة بالزائد وإن أجازته الورثة)، وإن كانتا متساويتين فله أحدهما -مثل أن يقول: أوصيت له بالسدس، ثم يقول في الوصية الثانية: أوصيت له بالسدس. فله السدس وليس السدسان-، وهو مذهب الحنفية (?)، ورواية عن مالك، وفي قولٍ للمالكية: له مجموعهما (?).