المبحث الثالث: إبضاع المبضَع، وفيه مطلبان:
تعريف الإبضاع
الإبضاعُ لغةً إفعالٌ من البضاعة، والبضاعة القطعة من المال، وقيل: اليسير منه، والبضاعة ما حمّلتَ آخر بيعه وإدارته (?)، وهو عينُ المعنى الاصطلاحي.
وعرف الإبضاع اصطلاحًا بتعريفات متفقة في الحقيقة فمن ذلك:
1 - عند الحنفية: دفع المال بضاعةً (?).
2 - عند المالكية: دفع مالٍ من مال الشركة لمن يشتري به بضاعة من بلد (?).
3 - عند الشافعية: بعث المال مع مَن يتجر فيه متبرعًا (?).
4 - عند الحنابلة: أن يعطي من مال الشركة لمن يتجر فيه والربح كله للدافع (?).
وكونه من مال الشركة وصفٌ طردي ليس بلازم فسواء كان من مال الشركة أو لم يكن فالحكم واحد، وقد ورد الإبضاع بهذا المعنى في كلام المتقدمين وأخبارهم (?).
حكم الإبضاع
الإبضاع عقد جائز (?).
ودليل ذلك عموم الأدلة الدالة على جواز التجارة فإنه منها، وعلى جواز المضاربة فإنه من جنسها، قال في "المغني": (ولأنه إذا جاز دفعه بجزء من ربحه فدفعه إلى من يوفر الربح أولى) (?)، أي بالجواز، وعلى جواز الوكالة، فالإبضاع توكيل بلا جعل (?)؛ ولأنه من المعروف والإحسان الذي تدعو إليه الشريعة القويمة؛ ولأن فيه دفعًا للحاجة، فقد لا يحسن رب المال المتاجرة به فيعطيه من يعمل له فيه ويكون ربحه كاملًا مع أصله لرب المال، وقد يحسن التجارة ولا يتفرغ لها أو لا تليق به، ولو ادعى مدعٍ الإجماع على جوازه لما أبعد، وقد يشتبه على بعضٍ