ولكنه من حيث التكييف الفقهي دائرٌ بين أن يقدم المقاول العمل فقط ويقدم رب العمل الأدوات، فتكون المقاولة في هذه الحالة عقد إجارةِ الأجير المشترك، وبين أن يقدم المقاول العمل والأدوات، فتكون المقاولة في هذه الحالة عقد استصناع (?)، فعقد المقاولة دائر بين عقدين جائزين، وليس مشتملًا عليهما في آنٍ واحدٍ معًا، وقد قال الكاساني: (وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كان جائزًا) (?)، وهذا الاشتمال إذا كان على سبيل البدلية -كما هنا- كان بالجواز أولى، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي على جوازه (?)، ولم أر مخالفًا من العلماء والباحثين المعاصرين (?)، وأدلة جواز عقد المقاولة هي قاعدة الأصل في العقود وأدلة جواز الإجارة وجواز الاستصناع باعتباره عقدًا مستقلًا عن السلم.

المطلب الثاني: حكم المقاولة من الباطن.

صورة المسألة: أن يتعاقد الطرف الأول مع مقاولٍ أصلي على عملٍ كإنشاء مبنى، فيتعاقد المقاول الأصلي مع مقاولٍ ثانٍ أو مقاولين على إنشاء المبنى كاملًا دون أن يقوم المقاول الأصلي بجزءٍ من العمل، أو يتعاقد المقاول الأصلي مع غيره على إنجاز جزء من العمل كأن يتعاقد مع مقاول للقيام بأعمال الكهرباء أو السباكة، ومع آخر للقيام بأعمال التجصيص والتلييص، وهكذا، فهذا العقد الثاني بين المقاول الأصلي والمقاول الثاني هو عقد المقاولة من الباطن سواءً كان كليًا أو جزئيًا.

الحكم:

المقاولة من الباطن جائزة بشروط، وأصدر مجمع الفقه الإسلامي قرارًا فيه جواز ذلك (?)، وقال في "عقد المقاولة": (والمقاولة من الباطن جائزة باتفاق الفقهاء) (?).

شروط جواز المقاولة من الباطن:

1. توفر شروط الإجارة إذا قدم المقاول العمل فقط، وشروط الاستصناع إذا قدم العمل والمواد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015