اتفق أهل المذاهب الأربعة على جواز الاستصناع إذا توفرت فيه شروط السلم (?)، واختلفوا فيما عدا ذلك على قولين:
القول الأول: جواز وصحة عقد الاستصناع، وهو مذهب الحنفية عدا زفر (?) وبعض الحنابلة (?)، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدَّولي (?).
القول الثاني: عدم جواز عقد الاستصناع وعدم صحته إذا لم تكتمل فيه شروط السلم، وهو مذهب المالكية (?) والشافعية (?) والحنابلة (?) وزفر من الحنفية (?).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: قول الله - سبحانه وتعالى -: {قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} الكهف: (94).
وجه الدلالة: أن أولئك القوم أرادوا أن يجمعوا لذي القرنين مالًا على أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًا، وهذه حقيقة الاستصناع، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يَرِد شرعنا بنسخه (?)، ولم يرد شرعنا بذلك، ولو كان غررًا لما أجابهم ذو القرنين لذلك (?).
المناقشة: أن الاستصناع يشترط فيه أن تكون العين -محل الصنع- والعمل من الصانع، ومتى كانت العين من المستصنع فهي إجارة، وفي بناء ذي القرنين للسد كانت المواد وبعض