وحكى صاحب العقد الثمين أيضاً قال. وسمعت من مولانا السلطان يقول: كان السبب في لزم المماليك للأمير فخر الدين انهم خرجوا من المحطة يتطلعون الأخبار فوافاهم بريد الأمير فخر الدين ومعه كتب منه إلينا بما يسؤهم. فعادوا إلى المحطة ولزموه ووصلوا به تحت الحفظ.
وكان الأمير شمس الدين علي بن يحيى العنسي ظاهره مع السلطان وباطنه مع الأمير أسد الدين وأخيه. وكان شاعراً فصيحاً كريماً واصله من عنس قبيلة من مذحج فكتب إليه الأمير أسد الدين يحثه فيه على القيام ويحرضه على فكاك أخيه فخر الدين وفيه يقول:
لو كنت تعلم يا محمد ما جرى ... لشتتنها شعث النواصي ضمرا
ترمي بها دربي تَعِزَّ على الوحي ... لتنال مجداً أو تشيد مفخرا
لابد أن تنجي أخاك حقيقة ... منها وأما أن تموت فتعذرا
أن ابن برطاس تمكن فرصة ... آهٍ على موت يباع ويشترى
صح يال حمزة تأْت واخصص احمدا ... لتخص من بين النجوم الأزهرا
يعني الإمام أحمد بن الحسين والغالب عندي أنه غنما يعني الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور عبد الله بن حمزة فإنه كان يومئذ رئيس بني حمزة. والله أعلم.
لما وصل المماليك بالأمير فخر الدين إلى السلطان الملك المظفر أذم عليهم وآنسهم من نفسه كثيراً. وسار يريد محروسة زبيد فكان دخوله زبيدا في 10 ذي الحجة سنة 647 في موكب عظيم وعليه جلالة الملك وأبهة السلطنة فلما قعد على السماط واستقر في دار الملك قامت الشعراءُ بالمدائح يهنئونه بالملك فانشد الشعراءُ شيئاً كثيراً وقام الفقيه سراج أبو بكر بن وعاس من جملة الحاضرين يهنئ السلطان بما فتح الله عليه فقال: