له من الحوادث العظيمة والخطوب الجسيمة من فقد والده وانحياز المماليك بأَسرهم إلى ابن عمه فخر الدين وحصارهم لزبيد وأسد الدين على صنعاءَ وأعمالها وقيام الإمام أحمد بن الحسين في البلاد العليا وانتشار صيته واستيلائه على معظم البلاد العليا وحصونها واستيلاء أخويه المفضل والفائز على الحصون والمدائن والخزائن ولم يكن في يده إلا قائم سيفه إلا أن القلوب مملوءَة بمحبته.
قام مشمراً وجمع من معه من العسكر واستخدم من العرب خيلاً ورجلاً. وخرج من المهجم بإشارة الشيخ أبي الغيث بن جميل وسار إلى وبيد بجد وجد وتوفيق وسعد. وكان من دلائل سعادته أنه لما عزم على المسير أمر بتحميل آلته وخزانته فلما شرعوا في التحميل أخرجوا صندوقاً مملوءاً ذهباً ووضعوه ورجعوا للآخر. فمر رجلان من العرب فاحتملا الصندوق الأّول. فلما خرج الخزانون بالصندوق الآخر فقدوا الأول فلم يجدوه فوقفوا متحيرين فانتهى العلم بذلك إلى السلطان فطلب مشائخ العرب وأّمرهم باقتفاء الأثر: فخرجوا من فورهم يطلبون الأثر فما برحوا يقصون الأثر حتى وقفوا على اثر مبرك الجمل الذي حمل عليه الصندوق فوقفوا ينظرون يميناً وشمالاً فرأوا موضعاً هنالك على غير هيئة غيره: فنبشوه فوجدوا الصندوق ما فضَّ له خاتم فحملوه ورحبوا به فكان هذا من أعظم دلائل الفتح والسعادة.
وكان خروج السلطان من المهجم في عساكره المنصورة في 28 من ذي القعدة سنة 647 ولم يزل المحطة والحصار على زبيد إلى أن علموا أن السلطان قد صار في الطريق قاصداً زبيداً فارتفعوا حينئذ ولما خرج السلطان الملك المظفر من المهجم إلى زبيد كان كلما مرَّ بقبيلة من العرب استخدم خيلها ورجلها وسار في خدمته من رؤساء العرب علي بن عمران القرابلي والشيخ محمد بن ذكري الحدقي والشيخ أحمد بن أبي القاسم وكان شيخ مشائخ سرود وحضر الفقيه يحيى بن العمك وكان مقدم الرماة: وخرج الشيخ ذكري بن القرابلي على هجين راكباً: فقال له الشيخ علي بن