منها. أمر فيها بعمارة منارة لم يكن في البلاد مثلها وذلك إنها على ثلاث طبقات الأولى مربعة الشكل صحيحة الأركان والطبقة الثانية مثلثة الأركان قائمة الحروف والطبقة الثالثة مسدسة الشكل عجيبة المنظر. ورتب في المدرسة المذكورة إماماً ومؤذناً وقيماً ومعلماً وأيتاماً يتعلمون القرآن ومدرساً في الشراع الشريف ومعيداً وعشرة من الطلبة ومحدثاً وشيخاً صوفيّاً ونقيباً وفقراء وطعاماً للفقراء الوردين فأوقف عليهم أطياناً ونخلاً وكروماً ورباعاً ما يقوم بكفاية الجميع منهم.
وابتنى مدرسة في مكة المشرفة قبالة باب الكعبة المعظمة ورتب فيها مدرساً ومعيداً وعشرة من الطلبة وإماماً ومؤَذناً وقيماً ومعلماً وأيتاماً يتعلمون القرآن الكريم وأوقف عليها وقفاً جديداً. وله كثير من الآثار الحسنة والسير المستحسنة. وتوفي عن سبعة أبناء ذكور كلهم أكبرهم السلطان الملك الأشرف إسماعيل. والثاني عبد الله المنصور. والثالث علي المجاهد. والرابع محمد المفضل. والخامس أبو بكر المؤَيد. والسادس عمر المظفر. والسابع عثمان الفائز. والثامن داود مات صغيراً قبل أبيه.
وكان وزيرهُ القاضي جمال الدين محمد بن حسان. فلما توفي في تاريخه المذكور استوزر بعده القاضي تقي الدين عمر بن القاسم بن معيبد ورثاه جماعة من الفضلاء بعدة من القصائد المختارات ونال الناس عليه حزن شديد. تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوح جنته. وقد أثبت من جميع ما رثي به من الشعر قصيدة نظمتها يومئذ لما عزب عليّ حفظ غيرها فجعلتها سداداً من عوز وهي
بكت الخلافة والمقام الأعظم ... والملك والدين الحنيف القيمُ
والشمس والقمر المنير كلاهما ... والأرض تبكي والسما والانجم
والبيت والحرم الشريف بمكةٍ ... والحجر والحجر اليماني الأسحم
والبيض والبيض المهندة الظبا ... والسمهرية والقسي والأسهم
ومدارس العلم الشريف وأهله ... والمسلمون فصيحهم والأعجم
جزعاً على الملك المتوَّج بالبها ... من قبل يعقد تاجه وَينظم