وفي سنة ست وسبعمائة ملك السلطان حصن الفرائع وهو مصاقب الطويلة بحيث يختلف بينهما النشاب والحجر. فحط الريف تاج الدين علي بالفرائع ولزم حصن سريت. فخرج الأمير سيف الدين من صنعاء في شهر ربيع الآخر والأمير عباس بن محمد فكسروه وشحن الأمير سيف الدين الحصنين بأنواع الشحن بعد أن عمرها ورجع ظافراً منصوراً. وكان رجوعه في شهر شعبان.

وفي يوم الثالث عشر من شهر جمادى الأخرى وكان ميلاد السلطان الملك المجاهد في مدينة زبيد. وقيل كان ميلاده في العاشر من شهر رمضان من السنة المذكورة في مجلس في دار المعروفة بدار السلطنة زبيد ويعرف المجلس بمجلس الولادة لكونه ولد فيه والله أعلم.

وفي النصف الأخير من جمادى الأخرى المذكور أخذ ابن أصهب حصن النشابة بوصاب وهو حصن عظيم يناطح النجوم وبلتبس بالغيوم من أحرز الحصون وأمنعها وأضرها وانفعها وهو من آخر معاقل اليمن والذي يحط عليه لا يراه لأنه في رأس جبل عال وليس له إلا طريق واحدة فأهم السلطان وأخذه فجهز الوزير موفق الدين إلى جبلة فجمع منها الرحل وسار السلطان إلى زبيد مبادراً كما قال الشاعر أبو الطيب المتنبي حيث يقول

أشد من الرياح الهوج بطشاً ... وأسرع في الندى منها هبوباً

ثم خرج السلطان فحط على النشابة أياماً فأذعن ابن أصهب بالطاعة ووقف على قدم الاستطاعة ونزل على الذمة الشريفة وتسلم السلطان الحصن المذكور وتسلم حصوناً أخرى وانثنى راجعاً. فلما استقر في مدينة زبيد عملت الأفراح وضربت البشائر وهنأه بذلك شعراء دولته. وهنأه الفقيه عفيف الدين عبد الله بن جعفر فقال:

ترك الجبال أشم قاعاً صفصفاً ... من وعده ووعيده ما اخلفا

متقاضياً ميراثه مستشهداً ... سمر العوالي والصفيح المرهفا

تغفو عيون الصابرين نفوسهم ... عن نيل ما طلبوا وكلاً ما غفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015