نعم لَو ذكر ذَلِك ذَاكر ابْتِدَاء وَكَانَ هُنَاكَ قَرَائِن تدل على الإزراء والتنقيص أمكن حمله على ذَلِك مَعَ أَنه كَانَ يكون كِنَايَة لَا صَرِيحًا فَكيف وَقد قَالَه فِي معرض السُّؤَال وَطَرِيق الْبَحْث والجدل
مَعَ أَن الْمَفْهُوم من كَلَام الْعلمَاء وأنظار الْعُقَلَاء أَن الزِّيَارَة لَيست عبَادَة وَطَاعَة لمجردها حَتَّى لَو حلف أَنه يَأْتِي بِعبَادة أَو طَاعَة لم يبر بهَا
لَكِن القَاضِي ابْن كج من متأخري أَصْحَابنَا ذكر أَن نذر هَذِه الزِّيَارَة عِنْده قربَة تلْزم ناذرها
وَهُوَ مُنْفَرد بِهِ لَا يساعده فِي ذَلِك نقل صَرِيح وَلَا قِيَاس صَحِيح وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ مُطلق الْخَبَر النَّبَوِيّ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَى آخِره أَنه لَا يجوز شدّ الرّحال إِلَى غير مَا ذكر أَو وُجُوبه أَو ند بَيته فَإِن فعله كَانَ مُخَالفا لصريح النَّهْي وَمُخَالفَة النَّهْي مَعْصِيّة إِمَّا كفر أَو غَيره على قدر المنهى عَنهُ ووجوبه وتحريمه وَصفَة النَّهْي والزيارة أخص من وَجه فالزيارة بِغَيْر شدّ غير مَنْهِيّ عَنْهَا وَمَعَ الشد مَنْهِيّ عَنْهَا
وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا ذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين على الْوَجْه الْمَذْكُور الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لم يسْتَحق عَلَيْهِ عقَابا وَلَا يُوجب عتابا