من الْعلمَاء الْمُتَقَدِّمين أَنه لَا يجوز الْقصر فِي مثل هَذَا السّفر لِأَنَّهُ سفر منهى عَنهُ وَمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن السّفر المنهى عَنهُ فِي الشَّرِيعَة لَا يقصر فِيهِ
وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه يقصر وَهَذَا يَقُوله من يجوز الْقصر فِي السّفر الْمحرم كَأبي حنيفَة ويقوله بعض الْمُتَأَخِّرين من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَاحْمَدْ مِمَّن يجوز السّفر لزيارة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ كَأبي حَامِد الْغَزالِيّ وَأبي الْحسن ابْن عَبدُوس الْحَرَّانِي وَأبي مُحَمَّد بن قدامَة الْمَقْدِسِي وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ إِن هَذَا السّفر لَيْسَ بِمحرم لعُمُوم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوروا الْقُبُور
وَقد يحْتَج بعض من لَا يعرف الحَدِيث بالأحاديث المروية فِي زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَقَوْلِه من زارني بعد مماتي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ
وَأما مَا ذكره بعض النَّاس من قَوْله من حج وَلم يزرني فقد جفاني فَهَذَا لم يروه أحد من الْعلمَاء وَهُوَ مثل قَوْله من زارني وزار أبي إِبْرَاهِيم فِي عَام وَاحِد ضمنت لَهُ على الله الْجنَّة
فَإِن هَذَا أَيْضا بِاتِّفَاق الْعلمَاء لم يروه أحد وَلم يحْتَج بِهِ أحد وَإِنَّمَا يحْتَج بَعضهم بِحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَنَحْوه