مثل هَذِه الْأُمَم قبلهم بالبأساء وَهِي الْحَاجة والفاقة وَالضَّرَّاء وَهِي الوجع وَالْمَرَض والزلزال وَهِي زَلْزَلَة الْعَدو
فَلَمَّا جَاءَ الْأَحْزَاب عَام الخَنْدَق فرأوهم قَالُوا {هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله} وَعَلمُوا أَن الله قد ابْتَلَاهُم بالزلزال وأتاهم مثل الَّذين خلوا من قبلهم وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليما لحكم الله وَأمره
وَهَذِه حَال أَقوام فِي هَذِه الْغَزْوَة قَالُوا ذَلِك
وَكَذَلِكَ قَوْله {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه} أَي عَهده الَّذِي عَاهَدَ الله عَلَيْهِ فقاتل حَتَّى قتل أَو عَاشَ
والنحب النّذر والعهد وَأَصله من النحيب وَهُوَ الصَّوْت وَمِنْه الانتحاب فِي الْبكاء وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي تكلم بِهِ فِي الْعَهْد
ثمَّ لما كَانَ عَهدهم هُوَ نذرهم الصدْق فِي اللِّقَاء وَمن صدق فِي اللِّقَاء فقد يقتل صَار يفهم من قَوْله {قضى نحبه} أَنه اسْتشْهد لَا سِيمَا إِذا كَانَ النحب نذر الصدْق فِي جَمِيع المواطن فَإِنَّهُ لَا يَقْضِيه إِلَّا بِالْمَوْتِ وَقَضَاء النحب هُوَ الْوَفَاء بالعهد كَمَا قَالَ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه} أَي أكمل الْوَفَاء وَذَلِكَ لمن كَانَ عَهده مُطلقًا بِالْمَوْتِ اَوْ الْقَتْل