سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا وَجَعَلَ لِعَمْرٍو حِصَّةً فِيمَا يَغْرِسُهُ وَلَمْ يَغْرِسْ عَمْرٌو فِيهَا شَيْئًا بَعْدُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَالْوَكَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْعَارِيَّةِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ الْإِذْنُ فِي عِبَارَةِ الْمُخْتَصَرِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِجَازَةِ بَحْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ وَالتَّوْكِيلُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الْإِذْنُ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَالْمُغَارَسَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ

(أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمُدَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَهَذَا إذَا كَانَ إذْنًا مُجَرَّدًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَقْدًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَثَلًا خُذْ أَرْضِي هَذِهِ وَاغْرِسْ فِيهَا كَذَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ مَثَلًا وَرَضِيَ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُغَارَسَةَ الْمَذْكُورَةَ إمَّا مُسَاقَاةٌ أَوْ مُزَارَعَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُزَارَعَةَ صِفَتُهَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَا بَذْرَ لَهُ فَلَا تُفْسَخُ بِلَا عُذْرٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَمَلَكَ الْفَسْخَ بِلَا عُذْرٍ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِتْلَافِ فِيهَا. اهـ. فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هُنَا الرُّجُوعُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ لِلْعَامِلِ قَبْلَ الْغَرْسِ لَا بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا مُزَارَعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُسَاقَاةٌ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَذِنَ نَاظِرُهُ لِرَجُلٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ غِرَاسًا عَلَى حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ قَبْلَ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ بِهَا غِرَاسًا أَصْلًا وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَغْرِسَهَا بِمَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.

[بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ]

(بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ) ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ آخِرَ الْكِتَابِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ وَرَأَيْتُ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهُ هُنَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِمَّا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ الْمَوْلَى الْهُمَامِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ سَقَى ضَرِيحَهُ صَوْبُ الْغَمَامِ الْغَادِي جَوَابَ سُؤَالٍ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِلَاحَةِ وَالْمَسْكَةِ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ بَيْنَ النُّوَّابِ بِمَحْكَمَةِ الْبَابِ وَطَلَبَ الْجَوَابَ رَئِيسُ الْكُتَّابِ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَفْظَانِ مُتَغَايِرَانِ مَعْنًى وَحُكْمًا أَمَّا الْمَسْكَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْحِرَاثَةِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَسْكَةِ لُغَةً وَهِيَ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فَكَأَنَّ الْمُتَسَلِّمَ لِلْأَرْضِ الْمَأْذُونَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فِي الْحَرْثِ صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْحَرْثِ فِيهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تُقَوَّمُ فَلَا تُمْلَكُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ، وَأَمَّا الْفِلَاحَةُ فَمَعْنَاهَا عَمَلُ الْحِرَاثَةِ نَفْسِهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا تُقَوَّمُ فَتُمْلَكُ وَتُبَاعُ وَتُورَثُ فَلَوْ فَلَحَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مَثَلًا وَبَاعَ الْفِلَاحَةَ الَّتِي فَلَحَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ انْتَفَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى زَالَ وُجُودُهَا مِنْ الْأَرْضِ يَسُوغُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْأَرْضَ وَيَمْنَعَ زَيْدًا مِنْ حَرْثِهَا وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمَسْكَةِ نَعَمْ قَدْ جَرَى فِي عُرْفِ الْفَلَّاحِينَ إطْلَاقُ الْفِلَاحَةِ عَلَى الْمَسْكَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ فَرَغْتُ عَنْ فِلَاحَتِي أَوْ مَسْكَتِي أَوْ مِشَدِّي وَيُرِيدُ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْحَرْثِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَسْكَةُ فِلَاحَةٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَقَدْ فَلَحَ بِهَا فِلَاحَةً مُتَقَوِّمَةً ثُمَّ إنَّهُ فَرَغَ عَنْ الْفِلَاحَةِ لِعَمْرٍو فَتَسَلَّمَ عَمْرٌو الْأَرْضَ وَزَرَعَهَا فَلَا يَسُوغُ لِزَيْدٍ التَّعَرُّضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

(أَقُولُ) فِي الْقَامُوسِ الْفِلَاحَةُ الْحِرَاثَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْكِرَابَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015