بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ حِصَّتِهِ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَلَطًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ قَالُوا لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسْخَ الْقِسْمَةِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا، وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ ثُمَّ لَمَّا تَأَمَّلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ الْغَلَطُ فِي فِعْلِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَدَعْوَى الْغَلَطِ إنَّمَا تُسْمَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ وَالْغَبْنَ إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اهـ. وَلَعَلَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا بَاشَرَ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ حَيْثُ صَدَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: رَجُلَانِ اقْتَسَمَا وَمَا فِي الْمُتُونِ فِيمَا إذَا اقْتَسَمَا وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مُعْتَمِدًا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَمِينِ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا غَالِبًا فَتَأَمَّلْ فَرُبَّمَا يُفِيدُ التَّوْفِيقُ أَوْ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رِوَايَةً وَمَا فِي الْمُتُونِ رِوَايَةً أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ. . . إلَخْ فَلَعَلَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ مَشَوْا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى بَلْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ النِّكَاحِ تَحْتَ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْوَلَايَةُ لِلْأُمِّ مَا نَصُّهُ الْمُتُونُ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْفَتْوَى اهـ.
(سُئِلَ) فِي كَرْمٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالتَّرَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَنَقْضَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ وَلَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : إذَا ظَهَرَ غَبْنٌ فِي الْقِسْمَةِ فَاحِشٌ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي تَبْطُلُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ بِالتَّرَاضِي اخْتَلَفُوا فِيهِ إذْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي آكَدُ مِنْهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَصَحَّحَ فِي الْكَافِي، وَالْإِمَامِ قَاضِي خَانْ سَمَاعَ دَعْوَى الْغَبْنِ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ
وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ عَدَمَ سَمَاعِهَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ بَطَلَتْ وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي فِي الْأَصَحِّ قَالَ شَارِحُهُ فِي مِنَحِهِ بَعْدَمَا نَقَلَ الْخِلَافَ، وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي وَقَاضِي خَانْ وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَصَحَّحَهُ أَصْحَابُ الشُّرُوحِ وَبِهِ أَفْتَيْتُ مِرَارًا اهـ. فَيَسُوغُ لِزَيْدٍ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَنَقْضُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا الْمُعَادَلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَوَجَبَ نَقْضُهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ كَمَا ذَكَرَ فِي نَقْدِ الْفَتَاوَى كَمَا نَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْقِسْمَةِ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1148 فِيمَا إذَا تَقَاسَمَا دَارًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِحُضُورِ خَصْمِهِ وَتَصْدِيقِهِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِيهِ ثُمَّ ادَّعَى غَبْنًا فَاحِشًا فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّهُ الْآنَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ أَخَذَ اثْنَيْنِ وَبَقِيَ اثْنَانِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ التَّنَاقُضُ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ عَفْوٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِيَالِهَا ثُمَّ أَقَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخَلْعِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَإِنْ صَارَتْ مُتَنَاقِضَةً فِي دَعْوَى الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالْإِيقَاعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عِلْمِ الْمَرْأَةِ وَكَانَ طَرِيقُهُ طَرِيقَ الْخَفَاءِ فَجَعَلَ التَّنَاقُضَ فِيهِ عَفْوًا اهـ
فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ يَكُونُ حُضُورُهُ وَتَصْدِيقُهُ عَلَى الْبَيْعِ ثُمَّ دَعْوَاهُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ أَوْ لَا مُقْتَضَى مَا فِي الْقُنْيَةِ نَعَمْ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ قَالَ رَامِزًا إلَى فَتَاوَى بُرْهَانَ قَسَمَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزَرَعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بِالْغَبْنِ فَلَهُ ذَلِكَ