مِنْ التَّوْفِيقِ اهـ. مَا كَتَبْتُهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَوْرَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَإِشْهَادٍ وَمَضَتْ أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ، وَالْآنَ قَامَ يَطْلُبُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَتَرْكِهِ الطَّلَبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَرْكِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ تَرَكَهُ بِأَنْ لَا يَطْلُبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ أَوْ تَرَكَ طَلَبَ التَّقْرِيرِ عِنْدَ عَقَارٍ أَوْ ذِي يَدٍ لَا الْإِشْهَادِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ شَرْحُ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يُبْطِلُهَا وَفِي الدُّرَرِ وَيُبْطِلُهَا تَرْكُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَوْ تَرْكُ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ قَادِرًا عَلَيْهِمَا اهـ فَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَطْلُبْهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ بِلَفْظٍ يُفْهِمُ طَلَبَهَا وَأَيْضًا تَرْكَ الطَّلَبَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْطِلُهَا؟ (أَقُولُ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ مُخَالِفَةٌ لِعِبَارَةِ شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَطْلُبُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
الْأُولَى حِينَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ فَوْرًا وَيُسَمَّى طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ أَيْ مُبَادَرَةٍ حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَالْإِشْهَادُ فِيهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا فِي الدُّرَرِ سَهْوٌ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الشرنبلالية نَعَمْ يُشْهِدُ فِيهِ مَخَافَةَ الْجُحُودِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ يَجِبُ الطَّلَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ لِئَلَّا تَسْقُطَ الشُّفْعَةُ دِيَانَةً وَلْيَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فَيَصِحُّ بِدُونِهِ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ اهـ، وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطْلُبَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لَوْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَوْ عِنْدَ الْعَقَار وَيُسَمَّى طَلَبَ إشْهَادٍ وَطَلَبَ تَقْرِيرٍ وَلَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ خَاصَّةٌ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِشْهَادَ هُنَا شَرْطٌ لَكِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: إنَّمَا سُمِّيَ الثَّانِي طَلَبَ الْإِشْهَادِ لَا لِكَوْنِ الْإِشْهَادِ شَرْطًا بَلْ لِيُمْكِنَهُ إثْبَاتُ الطَّلَبِ عِنْدَ جُحُودِ الْخَصْمِ. اهـ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ ثُمَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ لَوْ وُجِدَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ كَفَاهُ وَقَامَ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ، وَالْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَطْلُبَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُسَمَّى طَلَبَ تَمْلِيكٍ وَخُصُومَةٍ وَهَلْ لَهُ مُدَّةٌ يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي قَرِيبًا وَهَذَا الطَّلَبُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ لِقَوْلِهِ فِي التَّنْوِيرِ: وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ وَتُمْلَكُ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهَاهُنَا فَائِدَةٌ يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَهِيَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا سَمِعَ الشَّفِيعُ بِبَيْعِ الدَّارِ فَسَكَتَ قَالُوا: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِيَ وَالثَّمَنَ كَالْبِكْرِ إذَا اُسْتُؤْمِرَتْ فَسَكَتَتْ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّ الْأَبَ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ صَحَّ رَدُّهَا اهـ. وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ.
(سُئِلَ) فِي الشَّفِيعِ إذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَوْرَ عِلْمِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً ثُمَّ تَرَكَ طَلَبَ الْخُصُومَةِ وَالتَّمْلِيكِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَهَلْ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) يَعْنِي إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الدُّرَرِ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي كَمَا ذَكَرَهُ عَزْمِي زَادَهْ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقِيلَ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ أَخِّرْهُ شَهْرًا بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى يَعْنِي دَفْعًا لِلضَّرَرِ قُلْنَا دَفَعَهُ بِرَفْعِهِ لِلْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْعَلَائِيِّ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى فَرَاجِعْهُ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِ الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَالْمُغْنِي وَفِي الشرنبلالية عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّهُ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ قَالَ يَعْنِي أَنَّهُ أَصَحُّ مِنْ تَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي. . . إلَخْ وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْمَشَاهِيرِ كَالْمُحِيطِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ أَشْكَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَفِي الْجَامِعِ الْخَانِيِّ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي قَصْدِ الْإِضْرَارِ اهـ.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ إفْتَاءَهُمْ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَصْدُ الْإِضْرَارِ فِي زَمَانِنَا كَثِيرٌ