اسْتِهْلَاكُهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ مَالًا فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ الْكَفَالَةِ ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يُوَفِّي ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ الْمَوْلَى اهـ وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ أَمْرِ الْغَيْرِ بِالْجِنَايَةِ بِرَمْزِ بكر خواهر زاده عَبْدٌ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ التَّاسِعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ فَرَّقَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ فَفِي الْأَوَّلِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَفِي الثَّانِي خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْبَيْعِ. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً وَاسْتَهْلَكَ مَالَ الْآخَرِ وَحَضَرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ الْآخَرُ فَيَبِيعُهُ فِي دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوَّلًا بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الْمَالِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فَإِنْ حَضَرَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اهـ. وَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ لِمَا قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْحَجْرِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنْ أُخِّرَ لِعِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ فَتَأَمَّلْ اهـ
(أَقُولُ) يَعْنِي الْأَصْلُ فِي فِعْلِهِ النَّفَاذُ فِي الْحَالِ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ.
وَإِنَّمَا أُخِّرَ النَّفَاذُ إلَى عِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى وَمُرَادُ الْعَلَائِيِّ بِذَلِكَ التَّوْفِيقُ بَيْن كَلَامِهِمْ وَعَلَيْهِ فَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ التتارخانية بَلْ هِيَ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِهِ وَكَذَا عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ، وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ بَيْعِ رَقَبَتِهِ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ فَفِي الْمُتُونِ الْحَجْرُ هُوَ مَنْعُ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ الْفِعْلِيَّ يَنْفُذُ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ كَالِاسْتِهْلَاكِ فَلَا يَتَأَخَّرُ إلَى الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ وَعَزَاهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إلَى النِّهَايَةِ، وَالْجَوْهَرَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ مُسْتَفِيضٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ أَوْ يَفْدِيهِ الْمَوْلَى اهـ. وَالْأَحْسَنُ فِي التَّوْفِيقِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ اسْتِهْلَاكُهُ بِإِقْرَارِهِ لِمَا فِي الْغَايَةِ إذَا كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْعِتْقِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَحْبُوبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَقَوْلُهُ عِيَانًا أَيْ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْمَحْجُورُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَبَّاغٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِتِلْكَ الْحِرْفَةِ وَيَبِيعَ الْجُلُودَ الَّتِي يَدْبُغُهَا مِمَّنْ رَغِبَ فِي شِرَائِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْحِرْفَةِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنْ تَعَاطِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ سَبَبَ الْحَجْرِ الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالرِّقُّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُحْجَرُ إلَّا عَلَى ثَلَاثٍ مُفْتٍ مَاجِنٍ وَطَبِيبٍ جَاهِلٍ وَمُكَارٍ مُفْلِسٍ.
(سُئِلَ) فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ حِصَّةً لَهُ مِنْ دَارٍ ثُمَّ بَلَغَ رَشِيدًا فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَتِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَتَحْقِيقُ هَذَا الْمَقَامِ) أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يُشْبِهُ الْبَالِغَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ وَيُشْبِهُ طِفْلًا لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَفِي عَقْلِهِ قُصُورٌ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ