لَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ بِالرُّجُوعِ يَصِحُّ كَذَا فِي فَتَاوَاهُ. اهـ. مِنَحٌ مِنْ الْإِيدَاعِ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ بَعْدَ مَا نَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْمِنَحِ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ التَّجْنِيسِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودَعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَيْ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ وَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودَعِ بِنَفْسِهِ وَاسْتَبَقَاهَا عَلَى الْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي جَوَابِهِ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ عَنْ رِضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُودَعِ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ أَيْ وَأَدْفَعُهَا لَك فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ أَنْشَأَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا فَإِنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ لَا إنْشَاءُ إيدَاعٍ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَسُئِلَ عَنْ الْمُودَعِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُودَعِ فَانْتَهَى إلَيْهِ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَطَالَبَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ هَلْ يَضْمَنُ فَقَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الثَّابِتَةَ بِالْمُعَايَنَةِ فَوْقَ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ثَبَتَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيِّنَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَبِ يَضْمَنُ فَهَاهُنَا أَوْلَى قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَصَدَّقَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَقَالَ نَعَمْ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ. اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا عَنْ الرَّسُولِ لَا يَضْمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا إذَا مَنَعَهَا عَنْ الْوَكِيلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْقَاعِدِيَّةِ وَالْوَجِيزِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَتَبِعَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحَيْهِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ خُصُوصًا وَالْمُضْمَرَاتُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَالشُّرُوحُ مُقَدَّمَةٌ فَفِي مَسْأَلَتِنَا مَنَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْوَكِيلِ ظُلْمًا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا حَتَّى يَكُونَ اسْتِبْقَاءً لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَقَدْ جَمَعْت هَذِهِ النُّقُولَ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ وَلِأَجْلِ قَطْعِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ بِمَنْعِهَا عَنْ الرَّسُولِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي نُورِ الْعَيْنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةَ آنِفًا تُفِيدُ تَفْصِيلًا فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ تَوْكِيلُهُ ثَابِتًا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ لَوْ كَذَّبَهُ بِالْأَوْلَى وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ أَيْضًا وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودَعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَا ضَمَانَ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَضْمَنُ فَيُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَهَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَكَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَفِي حَاشِيَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَهَلْ يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالدَّفْعِ أَمْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ مَجْهُولًا وَيَضْمَنُ بِالدَّفْعِ.
قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ رَامِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ لَوْ كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقِ بِمَكَانٍ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ اسْتِمَاعُ كَلَامِهِمَا فَالدَّفْعُ لِمَنْ جَاءَ إلَيْهِ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ صَحِيحٌ