فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ وَلَمْ يَخْلِطْهُ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ فِي تَرِكَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَحَقَّقَهَا الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت

(أَقُولُ) قَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ أَفْتَى أَوَّلًا فِي أَبٍ قَبَضَ مَهْرَ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا بِعَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَا يَضْمَنُ وَإِذَا خَلَطَهُ بِمَالِهِ يَضْمَنُ وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ. اهـ. فَتَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَرْجَحِيَّتُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى مَرْتَبَةً مِنْ الْوَصِيِّ فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ فَأَنْ لَا يَضْمَنَ الْأَبُ أَوْلَى وَقَدْ نُقِلَ فِي الْوَصِيِّ أَيْضًا قَوْلٌ بِالضَّمَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَى هَذَا الرَّاجِحِ فِي مُخَلَّفَاتِ أَبِيهَا إلَخْ. اهـ. مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ مُلَخَّصًا ثُمَّ أَفْتَى فِي سُؤَالٍ آخَرَ عَقِيبَهُ نَظِيرِ سُؤَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

أَمَّا كَلَامُ الْخَانِيَّةِ فَلِعَدَمِ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ وَأَمَّا كَلَامُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلِأَنَّهُ قَالَ رَامِزًا لِلْمُنْتَقَى وَضَمِنَ الْأَبُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ فَسَاقَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِنَا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ خُصُوصًا مِنْ بَنِي الْفِلَاحَةِ يَأْكُلُونَ مَهْرَ مَوْلَيَاتِهِمْ وَلَوْ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ لَا يَنْتَهُونَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا عَدَا نَاظِرَ الْوَقْفِ وَالسُّلْطَانُ وَالْقَاضِيَ وَالْوَصِيَّ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَهُ فِي هَؤُلَاءِ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ مُلَخَّصًا فَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى عَدَمِ ضَمَانِ الْأَبِ وَرَجَّحَهُ ثُمَّ عَكَسَ ثَانِيًا مُشِيرًا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِ الْوَصِيِّ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ أَيْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِأَنْ يَصِيرَ وَصِيًّا خَوْفًا مِنْ الضَّمَانِ وَكَذَا السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ جَبْرِيَّةٌ لَا اخْتِيَارِيَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَجْهِيلَ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ فَتَضْمِينُهُ بِتَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ عَامَّةَ الْأَوْصِيَاءِ وَالْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا يَتَهَالَكُونَ عَلَى تَحْصِيلِ الْوِلَايَةِ قَصْدًا مِنْهُمْ إلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَحَيْثُ كَانَ الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَعَ مَا عَلِمْته مِنْ حَالِهِمَا يَكُونُ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ أَوْلَى لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمِثْلُهُ الْجَدُّ كَمَا مَرَّ.

ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ فِي نُورِ الْعَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَضَمِنَ الْأَبُ لَوْ مَاتَ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ يَقُولُ الْحَقِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَصَحُّ إذْ الْأَبُ لَيْسَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ بَلْ هُوَ أَوْفَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ فَيَنْبَغِي اتِّحَادُهُمَا حُكْمًا. اهـ.

نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَبُ يَأْكُلُ مُهُورَ الْبَنَاتِ كَالْفَلَّاحِينَ وَالْأَعْرَابِ فَالْقَوْلُ بِتَضْمِينِهِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الْمَهْرَ لِنَفْسِهِ لَا لِبِنْتِهِ فَلْيَكُنْ التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ اسْتَبْدَلَ عَقَارَ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ مُجَهِّلًا لِلْمَالِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا فِي تَرِكَتِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْوَدِيعَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَكْرٍ الَّذِي لَهُ عَلَى الدَّافِعِ دَيْنٌ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا قَبَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015