فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ نَصِيبِهِ أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الصُّلْحِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا مَعْلُومًا مِنْ الْأَقْمِشَةِ مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَدِينَةِ كَذَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَحَمَلَ عَمْرٌو الْحَمْلَ الْمَزْبُورَ عَلَيْهَا فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَقَدَ الْحَمْلَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ عَمْرًا صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ وُجِدَ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ دَفْعَ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لِعَمْرٍو وَأَخْذَ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ بَكْرٍ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ طَلَبَ قَاضِي طَرَابُلُسَ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَكَتَبْت إلَيْهِ أَيُّهَا الطَّالِبُ لِنَقْلِ هَذِهِ الْفَتْوَى اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صُلْحِ الْأَجِيرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصُّلْحُ مِنْ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ إذْ لَا نِزَاعَ. اهـ. فَإِذَا ظَهَرَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ آخَرَ يَرُدُّ الْبَدَلَ وَيَكُونُ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَيَكُونُ لِلدَّافِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الصُّلْحِ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَانَ الْحَقُّ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ يُرَدُّ الْبَدَلُ. اهـ.
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فِي الصُّلْحِ ادَّعَى مَالًا فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ. اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مِنْ الصُّلْحِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ بَطَلَ الصُّلْحُ. اهـ. وَفِي آخِرِ صُلْحِ الْأَشْبَاهِ أَيْضًا ادَّعَى مَالًا فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ اهـ. وَنَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةٌ فَقَدْ ظَهَرَ لَنَا مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الرُّجُوعَ فِي الْبَدَلِ الَّذِي دَفَعَهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ مَالِهِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَخْذَ مَالِهِ أَيْنَمَا وَجَدَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ فَإِذَا دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْأَجِيرِ مَبْلَغَهُ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ وَأَرَادَ أَخْذَ حَمْلِهِ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الصُّلْحِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْفَقِيرِ أَنِّي مَا أَفْتَيْت فِي مَسْأَلَةٍ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِي الْمَنْقُولِ كَمَا أَنِّي بِذَلِكَ مَأْمُورٌ وَمَسْئُولٌ وَإِذَا جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَكُتِبَ الصَّكُّ وَفِيهِ إبْرَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بَاطِلًا بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ مَا ادَّعَى لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِلْإِبْرَاءِ السَّابِقِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ تُسْمَعَ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ فِي ضِمْنِ صُلْحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَعْمَلُ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى.
(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَمْلُوكًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بِدُونِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ بِالْعِتْقِ فَرَدَّهُ وَلَمْ يُجِزْهُ فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ.
(سُئِلَ) فِي مُضَارِبٍ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْمُضَارِبِ فِيمَا خَلَّفَ فَهَلْ عَادَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَ الْمُضَارَبَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا خَلَّفَ عَادَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ عَلَائِيٌّ فِي أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُمْ أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى الْمَالِكِ أَوْ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ رَدَدْت الْمَالَ وَالرِّبْحَ إلَى الْمَالِكِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مَعْرُوفًا فَهَلْ يَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَحَقَّ بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةُ الْبُرْهَانِيَّةُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ