الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بِمُدَّةٍ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ بَاعَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ مَثَلًا أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَجَعَلَ سُكُوتَهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَلَوْ جَارًا لَا يَكُونُ رِضًا إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ اهـ وَقَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنَحِ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَقَدْ جَعَلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ كَالزَّوْجَةِ بِلَا تَقْيِيدٍ بِاطِّلَاعٍ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى.
وَأَمَّا دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا فَلَا يَمْنَعُهَا مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِمُدَّةٍ وَلَا بِمَوْتٍ كَمَا تَرَى؛ لِأَنَّ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْمُورِثِ يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ قَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا بَلْ مُجَرَّدُ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْبَيْعِ هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الْقَرِيبَ لِلْبَائِعِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا سَكَتَ عِنْدَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَسَكَتَ فَالْمَانِعُ لِدَعْوَاهُ هُوَ السُّكُوتُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا صَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ بِالْبَيْعِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَعَ تَمَامِ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُحَرَّرٌ فِي حَوَاشِينَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْمَرْحُومِ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.
وَنَصُّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ بَيْتٌ فِي دَارٍ يَسْكُنُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَهُ جَارٌ بِجَانِبِهِ وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ يَتَصَرَّفُ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ هَدْمًا وَعِمَارَةً مَعَ اطِّلَاعِ جَارِهِ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ إذَا ادَّعَى الْبَيْتَ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْتِ هَدْمًا وَبِنَاءً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ فَانْظُرْ كَيْفَ أَفْتَى بِمَنْعِ سَمَاعِهَا مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ الْبَيْعِ وَبِدُونِ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِلْمَنْعِ بِقَطْعِ التَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ مَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ.
ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْنَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ فَصْلِ دَفْعِ الدَّعْوَى وَلَيْسَ أَيْضًا مَبْنِيًّا عَلَى الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَمَا رَأَيْت فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارُ ثُلُثِهَا الْآخَرِ فِي مِلْكِ عَمْرٍو وَزَيْدٌ سَاكِنٌ وَمُتَصَرِّفٌ فِي ثُلُثَيْهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ تَصَرَّفُوا فِي ذَلِكَ بَعْدَهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ ذَلِكَ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالْآنَ قَامَ بَكْرٌ يَدَّعِي ثُلُثًا مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهِ الْمُتَوَفَّى مِنْ مُدَّةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَمَضَتْ هَذِهِ