(الْجَوَابُ) : إذَا قَالَ بَائِعٌ مَنْ بَاعَهُ حِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ كَاذِبٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ نَتَجَ فِي مِلْكِي أَوْ مِلْكِ بَائِعِي بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ إنْ أَثْبَتَ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ الثَّمَنُ عَلَى وَرَثَةِ عَمْرٍو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اُسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَطَلَبَ ثَمَنَهُ فَبَرْهَنَ بَائِعُهُ أَنَّهُ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي يُقْبَلُ لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَوْ غَابَ بَائِعُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ بَائِعِهِ (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فُصُولَيْنِ مِنْ 16 فِي الِاسْتِحْقَاقِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ إلْزَامِ الْقَاضِي إيَّاهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِإِلْزَامِ الْقَاضِي هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْبُيُوعِ وَمَشَى فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ فِي التَّنْوِيرِ لَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَيَثْبُتُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ (أَقُولُ) ذَكَرَ فِي التَّنْوِيرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَلَا يُؤْخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ الشُّرَّاحُ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ فَظَاهِرُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ اعْتِمَادُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَغْلَةً بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَرَجَعَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِ الْبَائِعِ وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ وَكَذَا الْبَغْلَةُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَبْطُلَ الْحُكْمُ السَّابِقُ أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَغْلَةِ أَيْضًا؟
(الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهَ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ حَضْرَةِ الْبَغْلَةِ ذُكِرَ فِي دَعْوَى الذَّخِيرَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَيَّ هَلْ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ بِغَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَمُحَمَّدٌ يَشْتَرِطُ حَضْرَتَهُ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ وَهَكَذَا أَفْتَى بِفَرْغَانَةَ.
وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ قِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِيمَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ نَتَجَ عِنْدَهُ وَأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بَاطِلًا وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ أَمْرٌ يَخُصُّ الْمُشْتَرِيَ فَاكْتَفَى بِحُضُورِهِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ وَالطَّيَابَادِيِّ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ نَوْعٍ فِيمَنْ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ (أَقُولُ) اتَّفَقَ نَقْلُ الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى اشْتِرَاطِ حَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَخَالَفَهُمَا نَقْلُ الْبَزَّازِيَّةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ انْقَلَبَ الْأَمْرُ عَلَى الْبَزَّازِيِّ فَنُسِبَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمَا قَالَاهُ إلَيْهِ وَقَالَ إنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ